"صحيحه" الحديث بطوله، فذكرها، فقد أخرجه من طريق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن يزيد بن هرمز، أن نجدة كتب إلى ابن عبّاس، يسأله عن خمس خلال، فقال ابن عبّاس: لولا أن أكتم علما، ما كتبت إليه (?)، كتب إليه نجدة: أما بعدُ فأخبرني هل كان رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - يغزو بالنساء؟، وهل كان يضرب لهن بسهم؟، وهل كان يقتل الصبيان؟، ومتى ينقضي يُتمُ اليتيم؟، وعن الخمس لمن هو؟ فكتب إليه ابن عبّاس، كتبت تسألني هل كان رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، يغزو بالنساء؟ وقد كان يغزو بهن، فيداوين الجرحى، ويُحذَين (?) من الغنيمة، وأما بسهم فلم يضرب لهن، وإن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، لم يكن يقتل الصبيان، فلا تقتل الصبيان، وكتبت تسألني متى ينقضي يُتمُ اليتيم، فلعمري إن الرجل لتنبت لحيته، وإنه لضعيف الأخذ لنفسه، ضعيف العطاء منها، فإذا أخذ لنفسه، من صالح ما يأخذ الناس، فقد ذهب عنه اليتم، وكتبت تسألني عن الخمس لمن هو؟ وإنا كنا نقول هو لنا، فأبى علينا قومنا ذاك.
وأخرجه من طريق قيس بن سعد، عن يزيد بن هرمز، قال: كتب نجدة بن عامر إلى ابن عبّاس، قال: فشهدت ابن عبّاس حين قرأ كتابه، وحين كتب جوابه، وقال ابن عبّاس: واللَّه لولا أن أرده عن نَتْنٍ يقع فيه (?)، ما كتبت إليه، ولا نُعْمَةَ عينٍ، قال: فكتب إليه: إنك سألت عن سهم ذي القربى، الذي ذكر اللَّه، من هم؟ وإنا كنا نَرَى أن قرابة رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - هم نحن، فأبى ذلك علينا قومنا، وسألت عن اليتيم متى ينقضي يتمه؟، وإنه إذا بلغ النكاح، وأُونس منه رشد، ودُفع إليه ماله، فقد انقضى يتمه، وسألت هل كان رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - يقتل من صبيان المشركين أحد؟ فإن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، لم يكن يقتل منهم أحدا، وأنت فلا تقتل منهم أحدا، إلا أن تكون تعلم منهم ما علم الخضر من الغلام، حين قتله، وسألت عن المرأة والعبد هل كان لهما سهم معلوم، إذا حضروا البأس؟ فإنهم لم يكن لهم سهم معلوم، إلا أن يُحذَيا من غنائم القوم.
فقوله (عَنْ سَهْمِ ذِي الْقُرْبَى) -بضمّ، فسكون، فُعْلَى، أي القرابة، وهو مصدر قرُب، ككَرُمَ، يقال: قرُب الشيء منّا قُرْبًا، وقَرَابةً، وقُرْبَةٌ، وقُرْبَى، ويقال: القُرْب في المكان، والقُرْبة في المنزلة، والقُرْبى، والقَرَابة في الرَّحِم. قاله الفيّوميّ.
وأراد بالسهم السهم الذي ذكره اللَّه تعالى في كتابه في آية الغنيمة: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} الآية [الأنفال: 41].