القتال منهما بغير تأويل سائغ، كما قدّمنا، ويُخصّ ذلك من عموم الحديث المتقدِّم بدليله الخاصّ في قتال أهل البغي، وقد رجع الأحنف عن رأي أبي بكرة في ذلك، وشهِد مع عدي باقي حروبه. انتهى (?). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(تتبيه آخر): ورد فراعتِزال الأخنفِ القِتال، في وقعة الجملِ سببٌ آخرُ، فأخرج الطَّبريّ بِسندٍ صحِيح، عن حُصينِ بن عبد الرَّحمن، عن عمرو بن جاوان، قال: "قُلت لهُ: أرأيت اعتِزال الأخنف ما كان؟ قال: سمِعت الأخنف قال: حججنا، فإِذا الناس مُجتمِعُون في وسط المسجد يعني النّبوِي- وفِيهِم عليّ، والزبير، وطلحة، وسعد، إِذ جاء عُثمان، فذكر قِصة مُناشدته لهُم في ذِكر مناقِبه، قال الأحنف: فلقِيت طلحة، والزُّبير، فقُلت: إِني لا أرى هذا الرجُل يعني عُثمان- إِلا مقتُولا، فمن تأمُرانِي بِهِ؟ قالا: عليّ، فقدِمنا مكة، فلقِيت عائشة، وقد بلغنا قتل عُثمان، فقُلت لها: من تأمُرِينِي بِهِ؟ قالت: عليّ، قال: فرجعنا إِلى المدِينة، فبايعت عَليًّا، ورجعت إِلى البصرة، فبينما نحنُ كذلِك، إِذ أتانِي آتٍ، فقال: هذِه عائِشة، وطلحة، والزبير، نزلُوا بِجانِب الخريبة، يستنصِرُون بِك، فأتيت عائِشة، فذكرْتها بِما قالت لي، ثُمَّ أتيت طلحة والزبير، فذكَّرتهما، فذكر القِصة وفِيها: قال: فقُلت: واللَّه لا أُقاتِلكُم، ومعكُم أُمّ المؤمِنِين، وحوارِيّ رسُول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، ولا أُقاتِل رجُلا أمرتُمُونِي بِبيعتِهِ، فاعتزل القِتال مع الفريقينِ.

قال الحافظ -رحمه اللَّه تعالى-: ويُمكِن الجمع بِأئهُ هم بِالترْكِ، ثُمَّ بدا لهُ في القِتال مِع علِي، ثُمَّ ثبطهُ عن ذَلِكَ أبُو بكرة، أوْ هَمَّ بِالقِتالِ مع عليّ، فثبَّطهُ أبُو بكرة، وصادف مُراسلة عائشة لهُ، فرجح عِندهُ التَّرْك.

وأخرج الطّبرِيُّ أيضًا من طرِيق قتادة، قال: نزل عليّ بِالزَّاوِيةِ، فأرسل إِليهِ الأحنف: إن شِئت أتيتُك، وإن شِئت كففت عنك أربعة آلاف سيف، فأرسل إِليهِ: كُفَّ من قدرت على كفه. انتهى (?).

والحديث متّفقٌ عليه، وقد تقدّم تخريجه أوّل الباب. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

4125 - (أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ, عَنْ حَمَّادٍ, عَنْ أَيُّوبَ, وَيُونُسَ, وَالْعَلاَءِ بْنِ زِيَادٍ, عَنِ الْحَسَنِ, عَنِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ, عَنْ أَبِي بَكْرَةَ, قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «إِذَا الْتَقَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015