والحديث سبق الكلام فيه في الذي قبله. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
4124 - (أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَضَالَةَ, قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ, قَالَ: أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ, عَنْ أَيُّوبَ, عَنِ الْحَسَنِ, عَنِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ, عَنْ أَبِي بَكْرَةَ, قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, يَقُولُ «إِذَا تَوَاجَهَ الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا, فَقَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ, فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ» , قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ, هَذَا الْقَاتِلُ, فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ؟ قَالَ: «إِنَّهُ أَرَادَ قَتْلَ صَاحِبِهِ» (?).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد رجال الصحيح، غير شيخه، أحمد ابن فضالة -بفتح الفاء- أبي المنذر النسائيّ، فإنه من أفراده، وهو صدوقٌ، ربّما أخطأ [11]. 26/ 2664.
و"عبد الرزّاق": هو ابن همّام الصنعانيّ. و"معمر": هو ابن راشد الصنعانيّ. و"أيوب": هو ابن أبي تمِيمة السختيانيّ.
و"الأحنف": هو ابن قيس بن معاوية بن حُصين التميميّ السعديّ، اسمه الضحّاك، وقيل: صخر، ثقة مخضرم، وقد رأى النبيّ - صلى اللَّه تعالى عليه وسلم -، لكن قبل إسلامه، وكان رئيس بني تميم في الإسلام، وبه يُضرب المثل في الحلم [2] 44/ 3182.
[تنبيه]: للأحنف بن قيس في هذا الحديث قصّة ساقها في "الصحيحين"، من طريق حمّاد بن زيد، عن أيوب، ويونس، عن الحسن، عن الأحنف بن قيس، قال: ذهبت لأنصر هذا الرجل، فلقيني أبو بكرة، فقال: أين تريد؟ قلت: أنصر هذا الرجل، قال: ارجع، فإني سمعت رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - يقول: "إذا التقى المسلمان بسيفيهما، فالقاتل والمقتول في النار"، فقلت: يا رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال: "إنه كان حريصا على قتل صاحبه".
والمراد بقوله: هذا الرجل، عليّ بن أبي طالب - رضي اللَّه تعالى عنه -، ففي رواية لمسلم: "ذهبت نُصرة ابن عمّ رسول اللَّه - صلى اللَّه تعالى عليه وسلم يعني عليّا".
قال في "الفتح": وكان الأحنف أراد أن يخرُج بقومه إلى عليّ - رضي اللَّه تعالى عنه - ليقاتل معه يوم الجمل، فنهاه أبو بكرة، فرجع، وحمل أبو بكرة الحديث على عمومه في كلّ مسلمين التقيا بسيفيهما؛ حسمًا للمادّة، وإلا فالحقّ أنه محمول على ما إذا كان