[تنبيه]: أراد المصنّف -رحمه اللَّه تعالى- بقوله: "فأسنده" الإسنادَ بمعنى الاتصال، وهو إطلاقٌ صحيح.
وقد اختلف العلماء في معنى المسند، على أقوال، ذكرها في "التقريب"، مع شرحه "التدريب" فقال: قال الخطيب أبو بكر البغداديّ في "الكفاية": المسند عند أهل الحديث ما اتّصل سنده، من راويه إلى منتهاه، فشمل المرفوع، والموقوف، والمقطوع، وتبعه ابن الصبّاغ في "الْعُدّة"، والمراد اتّصال السند ظاهرًا، فيدخل ما فيه انقطاع خفيّ، كعنعنة المدلّس، والمعاصر الذي لم يثبت لُقيّه؛ لإطباق من خرّج المسانيد على ذلك. قال النوويّ كابن الصلاح: ولكن أكثر ما يُستعمل فيما جاء عن النبيّ - صلى اللَّه تعالى عليه وسلم - دون غيره.
وقال ابن عبد البرّ في "التمهيد": هو ما جاء عن النبيّ - صلى اللَّه تعالى عليه وسلم - خاصة، متّصلًا كان، كما لك، عن نافع، عن ابن عمر، عن رسول اللَّه - صلى اللَّه تعالى عليه وسلم -، أو منقطعًا، كمالك، عن الزهريّ، عن ابن عبّاس، عن رسول اللَّه - صلى اللَّه تعالى عليه وسلم -، قال: فهذا مسندٌ؛ لأنه قد أُسند إلى رسول اللَّه - صلى اللَّه تعالى عليه وسلم -، وهو منقطعٌ؛ لأن الزهريّ لم يسمع من ابن عبّاس. وعلى هذا القول يستوي المسند والمرفوع. وقال الحافظ: يلزم عليه أن يصدُق على المرسل، والمعضل، والمنقطع، إذا كان مرفوعًا، ولا قائل به.
وقال الحاكم وغيره: لا يُستعمل إلا في المرفوع المتّصل، بخلاف الموقوف، والمرسل، والمعضل، والمدلَّس. وحكاه ابن عبد البرّ عن قوم من أهل الحديث، وهو الأصحّ، وليس ببعيد من كلام الخطيب، وبه جزم الحافظ في "النخبة"، فيكون أخصّ من المرفوع. قال الحاكم: من شرط المسند أن لا يكون في إسناده أُخبِرتُ عن فلان، ولا حُدثتُ عن فلان، ولا بلغني عن فلان، ولا أظنّه مرفوعًا، ولا رفعه فلان. انتهى ما في "التقريب" مع "التدريب" بتصرّف يسير (?).
وإلى هذه الأقوال أشار السيوطيّ في "ألفيّة الأثر" بقوله:
الْمُسْنَدُ الْمَرْفُوعُ ذَا اتِّصَالِ ... وَقِيلَ أَوَّلٌ وَقِيلَ التَّالِي
ثم ساق المصنّف -رحمه اللَّه تعالى- رواية يونس بن عُبيد التي أشار إليها، فقال:
4079 - (أَخْبَرَنِي أَبُو دَاوُدَ, قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ, قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ, عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ, عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطَرِّفِ بْنِ الشِّخِّيرِ, عَنْ أَبِي