لطائف هذا الإسناد:
(منها): أنه من سداسيات المصنف -رحمه اللَّه تعالى-. (ومنها): أن رجاله كلهم رجال الصحيح، غير شيخه، فمن أفراده، وعبد الأعلى، فمن رجال الأربعة. (ومنها): أن فيه ابن عبّاس - رضي اللَّه تعالى عنهما - من العبادلة الأربعة، والمكثرين السبعة. واللَّه تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عَنْ ابْنِ عبَّاسٍ) - رضي اللَّه تعالى عنهما - (أَنَّ قَوْمًا كَانُوا قَتَلُوا) المسلمين (فَأَكْثَرُوا) من القتل (وَزَنَوْا فَأَكْثَرُوا) من الزنا (وَانْتَهَكُوا) قال الفيّوميّ: انتهك الرجل الْحُرمةَ: تناولها بما لا يحلّ. انتهى. وحُذف المفعول هنا للتعميم. والمعنى: تناولوا جميع ما حرّم اللَّه تعالى عليهم.
(فَأَتَوْا النَّبِيَّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، قَالُوا: يَا مُحَمَّدُ) قال في "الفتح": في رواية الطبرانيّ من وجه آخر عن ابن عبّاس - رضي اللَّه تعالى عنهما - أن السائل عن ذلك هو وَحْشِيّ بن حَرْب قاتل حمزة - رضي اللَّه تعالى عنه -، وأنه لما قال ذلك نزلت: {إِلّا من تاب وآمن وعمِل عملًا صالِحًا} الآية [الفرقان: 70]، فقال: هذا شرط شديد، فنزلت: {قُل يا عِبادِي} الآية. وروى ابن إسحاق في "السيرة" قال: حدّثني نافع، عن ابن عمر، عن عمر - رضي اللَّه تعالى عنهما - قال: "اتّعدتّ أنا وعيّاش بن أبي ربيعة، وهشام بن العاص أن نهاجر إلى المدينة"، فذكر الحديث في قصّتهم، ورجوع رفيقه، فنزلت: {قُل يا عِبادِي الّذِين أسرفُوا على أنفُسِهِم} الآية [الزمر:53]، قال: فكتب بها إلى هشام. انتهى (?).
(إِنَّ الَّذِي تقُولُ) من كلمة التوحيد (وَتَدْعُو إِليْهِ) من عبادة اللَّه تعالى (لَحَسَنٌ، لَوْ تُخْبِرُنَا) قال أبو العبّاس القرطبيّ -رحمه اللَّه تعالى- عنه: يحتمل أن تكون "لو" هنا للامتناع، ويكون جوابها محذوفًا، تقديره: لأسلمنا، أو نحوه. ويحتمل أن تكون للتمنّي، بمعنى "ليت"، والأول أظهر. انتهى (?).
(أَنَّ) بفتح الهمزة؛ لوقوعهما مفعولاً لـ "تخبر"، أو مجرورة بحرف جرّ محذوف قياسًا، كما قال ابن مالك:
وَعَدِّ لاَزِمًا بِحَرْفِ جَرِّ ... وَإِنْ حُذِفْ لِلمُنْجَرِّ