(ومنها): أن قوله: "بشطر ما يخرج" يدلّ على أنه لا تجوز المزارعة، والمساقاة، إلا على جزء معلوم، لا مجهول. (ومنها): أنه يدلّ على جواز كون البذر، من أحد المتعاقدين، إما صاحب الأرض، أو العامل؛ لعدم تقييده بشيء من ذلك في هذا النص. واحتجّ من منع كونه من العامل بأن العامل حينئذ كأنه باع البذر من صاحب الأرض بمجهول من الطعام نسيئةً، وهو لا يجوز.

وأُجيب بأنه مستثنىً من النهي عن بيع الطعام بالطعام نسيئةً، جمعًا بين الحديثين، وهو أولى من إلغاء أحدهما.

(ومنها): أنه يدلّ على جواز دفع النخل مساقاة، والأرض مزارعة من غير ذكر سنين معلومة، فيكون للمالك أن يُخرج العامل متى شاء، وعلى ذلك ترجم الإمام البخاريّ -رحمه اللَّه تعالى- في "صحيحه"، فقال:

17 - (باب إذا قال ربّ الأرض: أُقرّك ما أقرّك اللَّه، ولم يذكر أجلاً معلومًا، فهما على تراضيهما"، ثم أخرج بسنده من طريق موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر، أن عمر بن الخطاب - رضي اللَّه عنهما -، أجلى اليهود والنصارى، من أرض الحجاز، وكان رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، لَمّا ظهر على خيبر، أراد أخراج اليهود منها، وكانت الأرض حين ظهر عليها, للَّه ولرسوله - صلى اللَّه عليه وسلم -، وللمسلمين، وأراد إخراج اليهود منها، فسألت اليهود رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -؛ ليُقِرَّهم بها، أن يَكْفُوا عملها, ولهم نصف الثمر، فقال لهم رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "نُقِرُّكم بها على ذلك، ما شئنا"، فَقَرَّوا بها، حتى أجلاهم عمر، إلى تَيْمَاء، وأريحاء (?)

وقد أجاز ذلك من أجاز المخابرة، والمزارعة. وقال أبو ثور: إذا أطلقا حُمل على سنة واحدة. وعن مالك: إذا قال: ساقيتك كلّ سنة بكذا جاز، ولو لم يذكر أمدًا، وحمل قصّة خيبر على ذلك (?).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: القول الأول هو الأرجح؛ لظاهر النصّ المذكور، والحمل الذي ذكره مالك -رحمه اللَّه تعالى- فيه بُعْدٌ، فتأمّل. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

3958 - (أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ, قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي, عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, عَنْ نَافِعٍ, عَنِ ابْنِ عُمَرَ, أَنَّ النَّبِيَّ - صلى اللَّه عليه وسلم -, دَفَعَ إِلَى يَهُودِ خَيْبَرَ, نَخْلَ خَيْبَرَ, وَأَرْضَهَا عَلَى أَنْ يَعْمَلُوهَا بِأَمْوَالِهِمْ, وَأَنَّ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, شَطْرَ ثَمَرَتِهَا).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015