والحديث متّفقٌ عليه. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

وقوله (أَرْسَلَهُ شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ) يعني أن شعيب بن أبي حمزة مِهْران الحمصيّ خالف مالكًا، وعُقيلًا، فرواه عن الزهريّ، عن رافع بن خديج - رضي اللَّه عنه -، فالمراد بالإرسال هنا الانقطاع، كما تقدّم البحث عنه قريبًا. واللَّه تعالى أعلم.

ثم ساق المصنّف -رحمه اللَّه تعالى- رواية شعيب التي أشار إليها، فقال:

3932 - (أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ خَلِيٍّ, قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ شُعَيْبٍ, عَنْ أَبِيهِ, عَنِ الزُّهْرِيِّ, قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ, كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ عَمَّيْهِ, وَكَانَا -يَزْعُمُ - شَهِدَا بَدْرًا, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, نَهَى عَنْ كِرَاءِ الأَرْضِ).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد رجال الصحيح، غير شيخه، فإنه من أفراده، وقد وثّقه هو.

وقوله: "يزعم" ولفظ "الكبرى": "وكانا -زعم- شهدا بدرًا"، أي وزعم رافع، أنهما شهدا بدرًا، فالرواية فيها تقديم، وتأخير، والأصل: وزعم كانا شهدا بدرًا، والزعم يطلق على القول الحقّ، وإن كان كثيرًا ما يُطلق على الباطل، كقوله تعالى: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا} الآية [التغابن: 7]، والأول هو المراد هنا.

والحديث بهذا الإسناد فيه انقطاع، كما تقدّم آنفًا. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

وقوله (رَوَاهُ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدِ، عَنْ شُعَيْبٍ، وَلَمْ يَذكُرْ عَمَّيهِ) أشار به إلى أن عثمان بن سعيد الحمصيّ تابع بشر بن شعيب، في رواية هذا الحديث عن أبيه، منقطعًا، وخالفه في إسقاط عمّه، كما بيّنه بقوله:

3933 - (أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ, قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ, عَنْ شُعَيْبٍ, قَالَ الزُّهْرِيُّ: كَانَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ: لَيْسَ بِاسْتِكْرَاءِ الأَرْضِ, بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ, بَأْسٌ, وَكَانَ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ, يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, نَهَى عَنْ ذَلِكَ).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: "أحمد بن محمد بن المغيرة": هو الأزديّ الحمصيّ، صدوقٌ [11] 69/ 85 من أفراد المصنّف. و"عثمان بن سعيد": هو القرشيّ مولاهم، أبو عمرو الحمصيّ، ثقة عابد [9] 69/ 85. و"شُعيب": هو ابن أبي حمزة المذكور في الذي قبله.

وقوله: "وكان رافع الخ" عطفٌ على "كان ابن المسيّب الخ"، فهو من مقول الزهريّ، فيكون منقطعًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015