- رضي اللَّه عنهما -. وقوله: "أليس أرض ظهير" اسم "ليس" ضمير يعود إلى الموضع، و"أرض" بالنصب خبرها، أي أليس هذا الموضع أرض ظُهير؟. ويحتمل أن يكون "أرضُ ظهير" اسمها، وخبرها محذوف، أي ليس أرض ظُهير هذه؟. وقوله: "أزرعها": أي أعطاها غيره ليزرعها بالأجرة. وقوله: "خذوا زرعكم" هذا يقتضي أن الزرع بالعقد الفاسد ملحق بالزرع في أرض غيره بغير إذنه، فيجب أن يُرد الزرع إلى صاحب الأرض؛ لأنه نماء أرضه، وُيعوّض المزارع بدفع عوض ما أنفقه في ذلك الزرع، وكون هذا بسبب فساد العقد يوضّحه رواية ابن المسيّب، عن سعد بن أبي وقّاص - رضي اللَّه عنه - الآتية في 3921 - بلفظ: كان أصحاب المزارع، يُكرون في زمان رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - مزارعهم، بما يكون على الساقي من الزرع، فجاءوا رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، فاختصموا في بعض ذلك، فنهاهم رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، أن يكروا بذلك، وقال: "أكروا بالذهب والفضة".
فهذا هو الذي تضمّن شرطًا فاسدًا، فصار العقد فاسدًا، فمثل هذا يوجب ردّ الزرع لصاحب الأرض، وتعويض المزارع ما أنفقه فيه.
والحديث صحيح، وأخرجه أبو داد في "سننه" 3399. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
وقوله (وَرَوَاهُ طَارِقُ بْنُ عَبْدِ الرَّحمَنِ عَنْ سَعِيدٍ، وَاخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِيهِ) يعني أن طارق بن عبد الرحمن روى هذا الحديث عن سعيد بن المسيّب، ولكن اخْتَلَفَ الرواة عليه، وقد ذكرنا وجه اختلافهم ملخّصًا، فيما سبق، وسنوضّحه أيضًا فيما بعد عند تفصيل المصنّف له. واللَّه تعالى أعلم.
ثم ساق رواية طارق بقوله:
3917 - (أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ, عَنْ طَارِقٍ, عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ, عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ, قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - عَنِ الْمُحَاقَلَةِ, وَالْمُزَابَنَةِ, وَقَالَ: «إِنَّمَا يَزْرَعُ ثَلاَثَةٌ: رَجُلٌ لَهُ أَرْضٌ, فَهُوَ يَزْرَعُهَا, أَوْ رَجُلٌ مُنِحَ أَرْضًا, فَهُوَ يَزْرَعُ مَا مُنِحَ, أَوْ رَجُلٌ اسْتَكْرَى أَرْضًا بِذَهَبٍ, أَوْ فِضَّةٍ»).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد رجال الصحيح، وتقدّموا، غير:
1 - (طارق) بن عبد الرحمن البجليّ الأحمسيّ الكوفيّ، صدوق، له أوهام [5].
قال ابن معين، والعجليّ، وابن نُمير، والدارقطنيّ، ويعقوب بن سفيان: ثقة. وقال النسائيّ: ليس به بأس. وقال ابن عديّ: أرجو أنه لا بأس به. وذكره ابن حبّان في "الثقات". وقال عبد اللَّه بن أحمد، عن أبيه: ليس بذلك، هو دون مُخارق. وقال عليّ ابن المدينيّ، عن يحيى بن سعيد: طارق بن عبد الرحمن ليس عندي باقوى من ابن