وقوله (خَالَفَهُ هِشَامٌ، وَرَوَاهُ عَنْ يَحيَىَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرٍ) يعني أن هشام بن أبي عبد اللَّه الدستوائيّ خالف معاوية بن سلّام في إسناد هذا الحديث، فرواه عن يحيى ابن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، عن جابر بن عبد اللَّه - رضي اللَّه عنهما -، لكن هذه المخالفة لا تضرّ، ولذلك أخرجه مسلم من الطريقين، وإن كان في لفظ المتن اختلاف، ثم ساق رواية هشام بقوله:
3910 - (أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ, قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ, عَنْ هِشَامِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ, عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ, عَنْ أَبِي سَلَمَةَ, عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ, أَنَّ النَّبِيَّ - صلى اللَّه عليه وسلم -, نَهَى عَنِ الْمُزَابَنَةِ, وَالْمُخَاضَرَةِ, وَقَالَ: «الْمُخَاضَرَةُ: بَيْعُ الثَّمَرِ قَبْلَ أَنْ يَزْهُوَ, وَالْمُخَابَرَةُ: بَيْعُ الْكَرْمِ بِكَذَا وَكَذَا صَاعٍ).
قاَلَ الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: قوله: "أخبرنا الثقة" هذا الثقة لم يتبيّن لي من هو؟، فإن المصنّف -رحمه اللَّه تعالى- روى لحماد بن مسعدة في ثمانية مواضع من هذا الكتاب، فكلّها نصّ على اسم من روى عنه، إلا في هذا الموضع، فقد روى برقم 1040 عن عُبيد اللَّه بن سعيد السرخسيّ، عنه، وفي 3446 عن إسحاق بن إبراهيم ابن راهويه، عنه، وفي 3852 عن إسحاق، عنه أيضًا، وفي 4066 عن محمد بن بشّار، عنه، وفي 4679 عن هارون بن عبد اللَّه، عنه، وفي 5183 عن عُبيد اللَّه بن سعيد المتقدِّم، عنه، وفي 5489 عن عبد اللَّه بن محمد بن عبد الرحمن، فهولاء هم الذين روى عنهم حديث حماد بن مسعدة، فيحتمل أن يكون أحد هؤلاء، ويحتمل أن يكون غيره ..
[تنبيه]: اختلف العلماء في قبول التعديل على الإبهام، من غير تسمية المرويّ عنه، كقول الشافعيّ -رحمه اللَّه تعالى-: أخبرنا الثقة، وكذلك قول المصنّف المذكور هنا:
فقال أبو بكر الصيرفيّ، والخطيب البغداديّ: لا يُقبل؛ لجواز أن يكون فيه جرحٌ لم يَطلع عليه قائل ذلك، وصححه النوويّ، قال: وقد وَصَفَ مالك بذلك عبدَ الكريم بن أبي المخارق، وهو ضعيف؛ لخفاء حاله عليه.
وقيل: يُقبل مطلقًا، كما لو عيّنه؛ لأنه مأمون في الحالتين، واختار إمام الحرمين القبول، إن وقع من إمام عارف بأسباب "الجرح والتعديل" والاختلافِ في ذلك، ورجّحه الرافعي في "شرح مسند الشافعيّ".
ولم يَحْكِ ابن الصلاح، والنوويّ هذا القول على هذا الوجه، بل حكياه على وجه أن قائل ذلك إن كان مجتهدًا قُبل في حقّ مقلّديه، دون غيرهم بأن يذكر لأصحابه قيام الحجة عنده على الحكم، وقد عَرَفَ هو من روى عنه، وعلى هذا الوجه تكون الأقوال