هَذَا خُلَاصَةُ مَقَالِ الشَّافِعِي ... فِي مُرْسَلٍ يقْبَلُهُ عَنْ تَابِعِي
وَهوَ لَدَى الْحُجَّةِ دُونَ الْمُتَّصِلْ ... وَنَحْوُ مَا قَالَهُ أَيْضًا قَدْ نُقِلْ
عَنْ غَيْرِهِ مِنْ جُلِّ أَهْلِ الْعِلْمِ ... كَنَجْلِ حَنْبَل حَلِيفِ الْحِلْمِ
ثم أورد المصنّف -رحمه اللَّه تعالى- رواية أبي عوانة، عن أبي حَصِين، عن مجاهد، فقال:
3895 - (أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ, عَنْ أَبِي حَصِينٍ, عَنْ مُجَاهِدٍ, قَالَ: قَالَ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ: نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, عَنْ أَمْرٍ, كَانَ لَنَا نَافِعًا, وَأَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - عَلَى الرَّأْسِ وَالْعَيْنِ, نَهَانَا أَنْ نَتَقَبَّلَ الأَرْضَ بِبَعْضِ خَرْجِهَا).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد كلهم رجال الصحيح.
و"أبو عوانة": هو الوضّاح بن عبد اللَّه اليشكريّ الواسطيّ. و"أبو حَصِين" -بفتح الحاء، وكسر الصاد المهملتين-: هو عثمان بن عاصم الأسديّ الكوفيّ.
وقوله: "وقول رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -" مبتدأ، خبره "على الرأس والعين"، وهو كناية عن قبوله، وتقديمه على ما تهواه أنفسهم، من النفع المظنون لهم.
وقوله: "أن نتقبّل الأرض": أي نُكريها. وقوله: "ببعض خَرْجها" -بفتح الخاء المعجمة، وسكون الراء: أي ما يخرج منها، من ثمر، وحبوب.
والحديث في إسناده انقطاع، لكن المتن صحيح بالأسانيد المتقدّمة والآتية. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
وقول (تَابَعَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُهَاجِرٍ) الضمير لأبي حَصِين: يعني أن إبراهيم بن مهاجر تابع أبا حصين في إرسال هذا الحديث، كما بيّنه بقوله:
3896 - (أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ, عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ, قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ, عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ, عَنْ مُجَاهِدٍ, عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ, قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ - صلى اللَّه عليه وسلم - عَلَى أَرْضِ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ, قَدْ عَرَفَ أَنَّهُ مُحْتَاجٌ, فَقَالَ: «لِمَنْ هَذِهِ الأَرْضُ؟» , قَالَ: لِفُلاَنٍ أَعْطَانِيهَا بِالأَجْرِ, فَقَالَ: «لَوْ مَنَحَهَا أَخَاهُ» , فَأَتَى رَافِعٌ الأَنْصَارَ, فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, نَهَاكُمْ عَنْ أَمْرٍ, كَانَ لَكُمْ نَافِعًا, وَطَاعَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - أَنْفَعُ لَكُمْ).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: "أحمد بن سليمان": هو الرُّهَاويّ الثقة الحافظ.
و"عُبيد اللَّه": هو ابن موسى بن أبي الْمُختار باذام العبسيّ الكوفيّ الثقة الثبت.
و"إسرائيل": هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعيّ الكوفيّ الثقة الثبت. و"إبراهيم بن مُهاجر": هو البجليّ الكوفيّ، صدوق، ليّن الحفظ [5] 68/ 992.
وقوله: "وقد عرف أنه محتاج" أي عرف النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - أن ذلك الرجل ذو حاجة وفقر،