قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: "عبيدُ اللَّه بن عمرو": هو الْجزريّ، أبو وهب الرّقّيّ الثقة. و"عبد الكريم": هو ابن مالك، أبو سعيد الجزريّ الثقة الثبت.

و"ابن رافع بن خَديج"، غير مُسمَّى هنا, ولا في "صحيح مسلم"، كما قال في "تحفة الأشراف" ج 3/ ص 161 - وأما ما قاله في "التقريب" مما نصّه: (م س) ابن رافع بن خديج، عن أبيه في النهي عن المزارعة، له ولدان: هُرَير، وعَبَاية، تقدّما. انتهى. ففيه نظر؛ لأن هريرًا ليس ابنه، وإنما هو حفيده، فقد تقدّم له في ترجمته: ما نصّه: هرير -بالتصغير- ابن عبد الرحمن بن رافع بن خدِيج الأنصاريّ، مقبول [5]. فتنبّه.

وأما عَبَاية: فهو -بفتح أوله، والموحّدة الخفيفة، وبعد الألف تحتانيّة خفيفة- ابن رفاعة بن رافع بن خديج الأنصاريّ الزرقيّ، أبو رفاعة المدنيّ، ثقة [3] 9/ 3116.

والحديث أخرجه مسلم، ولفظه من طريق حماد بن زيد، عن عمرو، أن مجاهدا، قال لطاوس: انطلق بنا إلى ابن رافع بن خديج، فاسمع منه الحديث، عن أبيه، عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، قال: فانتهره، قال: إني واللَّه لو أعلم أن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - نهى عنه، ما فعلته، ولكن حدثني من هو أعلم به منهم -يعني ابن عباس- أن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - قال: "لأن يمنح الرجل أخاه أرضه، خير له من أن يأخذ عليها خرجا معلوما". واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

وقوله (وَرَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ، , عَنْ أَبيِ حَصِينِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: قَالَ: عَنْ رَافِعٍ، مُرْسَلاً) أراد بهذا أن أبا حصين خالف عبد الكريم الجزريّ، فجعله منقطعًا، بإسقاط الواسطة بين مجاهد، ورافع، فقال: عن مجاهد، عن رافع، بينما هو جعله متّصلاً بذكر الواسطة، وهو ابن رافع بن خَدِيج، وإنما كانت رواية أبي حصين منقطعة؛ لأن مجاهدًا لم يلق رافع بن خديج - رضي اللَّه عنه -، كما بُيّن في ترجمته من "تهذيب التهذيب" 4/ 26.

وقوله: "مرسلاً" حال من فاعل "قال"، ومراده بالمرسل المنقطع، وكثيرًا ما يستعمل المصنّف، وأبو داود الإرسال بمعنى الانقطاع، وهو مذهب بعض المحدّثين، وهو المعروف عند الأصوليين، قال في "الكوكب الساطع" مبيّنا تعريفه، وحكمه عندهم:

قَوْلُ سِوَى الصَّاحِبِ قَالَ: الْمُصْطَفَى ... مُرْسَلُنَا ثُمَّ احْتِجَاجَهُ اقْتَفَى

ثَلَاَثةُ الأَئِمَّةِ الأَعْلَامُ ... وَقِيلَ إِنْ أَرْسَلَهُ إِمَامُ

وَقِيلَ مِنْ أَهْلِ القُرُونِ الْخُرَّدِ (?) ... وَقِيلَ أَقْوَى حُجَّةً مِنْ مُسْنَدِ

وَرّدُّهُ الأَقْوَى وَقَوْلُ الأَكْثَرِ ... كَالشَّافِعِي وَأَهْلِ عِلْمِ الْخَبَرِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015