في "مسند المكثرين" 5345 و 6074. واللَّه تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

(منها): أن فيه دلالة على مشروعيّة الحَلِفِ على الشيء؛ تأكيدًا له. (ومنها): استحباب الحلف بقوله: "لا، ومقلّب القلوب". (ومنها): أن فيه أن أعمال القلوب من الإرادات، والدواعي، وسائر الأعراض بخدق اللَّه تعالى. (ومنها): أن فيه جواز تسمية اللَّه تعالى بـ "مقلّب القلوب"، و "مصرّف القلوب"، ونحو ذلك مما ثبت من صفاته تعالى في الكتاب والخبر الصحيح، وإن لم يتواتر، على الوجه الذي يليق به. (ومنها): إثبات

صفة التقليب للَّه سبحانه وتعالى على ما يليق بجلاله. (ومنها): أن في الحديث حجةً لمن أوجب الكفّارة على من حلف بصفة من صفات اللَّه تعالى، فحنث، ولا نزاع في أصل ذلك، وإنما الخلاف في أيُّ صفة تنعقد بها اليمينُ؟، والتحقيق أنها مختصّة بالتي لا يُشاركه فيها غيره، كمقلّب القلوب. (ومنها): ما قاله القاضي أبو بكر بن العربيّ -رحمه اللَّه تعالى-: في الحديث جواز الحلف بأفعال اللَّه تعالى، إذا وُصف بها، ولم يُذكر اسمه، قال: وفرّق الحنفيّة بين القدرة والعلم، فقالوا: إن حلف بقدرة اللَّه انعقدت يمينه، وإن حلف بعلم اللَّه، لم تنعقد؛ لأن العلم يُعبّر به عن المعلوم، كقوله تعالى: {قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا} الآية [الأنعام: 148].

والجواب أنه هنا مجازٌ، إن سُلّم أن المراد به المعلوم، والكلام إنما هو في الحقيقة انتهى (?). (ومنها): ما قال البيضاويّ: في نسبة تقليب القلوب إلى اللَّه تعالى إشعارٌ بأنه يتولى قلوب عباده، ولا يكلها إلى أحد من خلقه. وفي دعائه - صلى اللَّه عليه وسلم - "يا مقلّب القلوب ثبّت قلبي على دينك" إشارة إلى شمول ذلك للعباد حتى الأنبياء، ورفع توهّم من يتوهّم أنهم يُستثنَون من ذلك، وخصّ نفسه بالذكر إعلامًا بأن نفسه الزكيّة إذا كانت مفتقرةً إلى أن تلجأ إلى اللَّه سبحانه وتعالى، فافتقار غيرها ممن هو دونه أحقّ بذلك (?). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعتُ، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكّلتُ، وإليه أنيب".

...

طور بواسطة نورين ميديا © 2015