(ومنها): أن فيه رواية تابعي عن تابعيّ، موسى، عن سالم. (ومنها): أن سالمًا من الفقهاء السبعة على بعض الأقوال. (ومنها): أن فيه ابن عمر - رضي اللَّه تعالى عنهما - من العباددة الأربعة، والمكثرين السبعة، روى (2630) حديثًا. واللَّه تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عَنْ سَالِمِ) هكذا في رواية الثوريّ، عن موسى بن عقبة، وكذا قال ابن المبارك، عن موسى بن عُقبة، عند البخاريّ في "القدر"، وهو المحفوظ، وشذّ النفيليّ، فقال: "عن ابن المبارك، عن موسى، عن نافع"، بدل "سالم"، أخرجه أبو داود في رواية ابن داسة. أفاده في "الفتح" (?) (عَنِ ابْنِ عُمَرَ) - رضي اللَّه عنهما -، أنه (كَانَتْ يَمِينٌ) اليمين مؤنثة؛ ولذا أُلحقت التاء بـ "كان". قال الفيّوميّ: ويَمِين الحلفِ أنثى، وتُجمع على أَيمُنٍ، وأَيْمَانٍ. قاله ابن الأنباريّ. قيل: سمّي الحلِفُ يمينًا؛ لأنهم كانوا إذا تحالفوا ضرب كلُّ واحد منهم بيمينه على يمين صاحبه، فسمّي الحلف يمينًا مجازًا. انتهى.
وقال السنديّ -رحمه اللَّه تعالى-: المراد باليمين المحلوف به، و"عليها" بمعنى "بها"،
ثم الظاهر نصب "اليمين" على الخبريّة؛ لأن قوله: "لا، ومقلّب القلوب" قد أُريد به
لفظه، فيجري عليه حكم المعارف، فيتعيّن أن يكون اسم "كانت"، إلا أن يقال:
"كانت" فيها ضمير القصّة. انتهى.
(يَحْلِفُ عَلَيْهَا رَسُولُ اللهِ- صلى اللَّه عليه وسلم -) أي كثيرًا ففي رواية البخاريّ من طريق ابن المبارك، عن موسى بن عقبة في "القدر": "كثيرًا ما كان النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - يحلف ... "، ومن طريقه أيضًا في "التوحيد": "أكثر ما كان النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - يحلف ... ". وأخرجه ابن ماجه من وجه آخر عن الزهريّ، بلفظ: "كان أكثر أيمان رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "لا، ومصرّف القلوب"
("لَا) إما زائدة لتأكيد القسم، كما في قوله تعالى: {لَا أُقْسِمُ} [القيامة: 1]، أو لنفي ما تقدّم من الكلام، مثل أن يقال له: هل الأمر كذا، فيقول: "لا، ومقلّب القلوب". قاله السنديّ.
(وَمُقَلِّبِ الْقُلُوبِ) هذا هو المقسَم به.
والمرادَ بتقليبَ القلوب تقليب أعراضها، وأحوالها, لا تقليب ذات القلب. فالمعنى أنه تعالى متصرّف في قلوب عباده بما شاء، لا يمتنع عليه شيء منها, ولا تفوته إرادة.
وقال الكرمانيّ: ما معناه: كان يحتمل أن يكون المعنيُّ بقوله: "مقلّب القلوب" أن يجعل القلب قلبًا، لكن مظانّ استعماله تنشأ عنه، ويستفاد منه أن أعراض