والحاصل أن حديث الباب صحيح؛ لما ذُكر، فتنبّه. واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثانية): في مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا-5/ 3786 - وفي "الكبرى" 5/ 6594. وأخرجه (د) في "البيوع" 3537 (ت) في "المناقب" 3945 و 3946. واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
(منها): مشروعيّة قبول الهديّة، وقد ورد النهي عن ردّها، فقد أخرج أحمد في "مسنده" - 1/ 404 - 405، والبخاريّ في "الأدب المفرد" رقم-157 - بسند صحيح، عن عبد اللَّه بن مسعود - رضي اللَّه عنه -، قال: قال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "أجيبوا الداعي، ولا تردّوا الهديّة، ولا تضربوا المسلمين" (?).
(ومنها): مشروعيّة مكافأة المهدي، وقد ورد الأمر بذلك، فقد أخرج أحمد-5342 بإسناد صحيح، عن ابن عمر، عن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، قال: من استعاذ باللَّه فأعيذوه، ومن سألكم باللَّه فأعطوه، ومن دعاكم فأجيبوه، ومن أتى إليكم معروفا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئوه، فادعوا له، حتى تعلموا أن قد كافأتموه".
(ومنها): أنه يستحبّ عدم قبول الهديّة، إذا كان المهدي طامعًا في العوض، ولا يُرضيه ما يعطيه المهدي إليه، لقوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "لقد هممت أن لا أقبل الهديّة إلا من قرشيّ الخ"، فإنه يدلّ على أن شرط قبول الهديّة أن يكون صاحبها قانعًا بما يُعطى.
(ومنها): جواز الإهداء بقصد أخذ العوض، وأنه لا ينقص به فضل الإهداء، بخلاف الصدقة، فإنه لا يؤخذ عليها عوض. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
3787 - (أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُتِيَ بِلَحْمٍ, فَقَالَ: "مَا هَذَا؟ ", فَقِيلَ: تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ، فَقَالَ: "هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ وَلَنَا هَدِيَّةٌ") (?).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد كلهم رجال الصحيح، وتقدّموا غير مرّة. و"إسحاق بن إبراهيم": هو الحنظليّ المعروف بابن راهويه.
والحديث متّفقٌ عليه، وقد تقدّم في "كتاب الزكاة" -99/ 2614 - "إذا تحوّلت الصدقة"، وقد استوفيتُ شرحه، وبيان مسائله هناك، وللَّه الحمد والمنّة، فراجعه تستفد، وباللَّه تعالى التوفيق.