عنهما، والظاهر أنه ما كان مقصود العرب بهما الرقبة بالشرط المذكور، فجاء الشرع بمراغمتهم، فصحّح العقد على نعت الهبة المحمودة، وأبطل الشرط المضادّ لذلك، فإنه يشبه الرجوع في الهبة، وقد صحّ النهي عنه، وشبّه بالكلب يعود في قيئه. وقد روى النسائيّ عن طريق أبى الزبير، عن ابن عبّاس - رضي اللَّه عنهما - رفعه: "العمرى جائزة لمن أُعمرها، والرقبى جائزة لمن أرقبها، والعائد في هبته كالعائد في قيئه"، فشرط الرجوع المقارن للعقد مثل الرجوع الطارئ بعده، فنهى عن ذلك، وأمر أن يُبقيها مطلقًا، أو يُخرجها مطلقًا، فإن أخرجها على خلاف ذلك بطل الشرط، وصحّ العقد، مراغمة له، وهو نحو إبطال شرط الولاء لمن باع عبدًا، كما تقدّم في قصّة بريرة - رضي اللَّه عنها - ". انتهى (?). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث زيد بن ثابت - رضي اللَّه تعالى عنه -، وإن كان في سنده اضطراب، إلا أن متنه صحيح؛ لأنه متّفقٌ عليه من حديث جابر، ومن حديث أبي هريرة، الآتيين للمصنّف أيضًا. واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثانية): في مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا- 1/ 3733 و 3734 و 3735 - وفي "الكبرى" 1/ 6537 و 6538 و 6539. وأخرجه (د) في "البيوع" 3559 (أحمد) في "مسند الأنصار" 21136. واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في اختلاف أهل العلم في حكم الرقبى، والْعُمْرَى:
قال الإمام الترمذيّ -رحمه اللَّه تعالى- بعد أن أخرج الحديث: والعمل على هذا عند بعض أهل العلم، من أصحاب النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، وغيرهم أن الرُّقبى جائزة، مثل العُمْرَى، وهو قول أحمد، وإسحاق. وفرّق بعض أهل العلم، من أهل الكوفة، وغيرهم بين الْعُمْرّى، والرُّفبَى، فأجازوا العمرَى، ولم يُجيزوا الرُّقبى. انتهى.
وقال في "الفتح": ما حاصله: الجمهور على أن العمرى إذا وقعت كانت ملكًا
للآخذ، ولا ترجع إلى الأول، إلا إن صرّح باشتراط ذلك. وذهب الجمهور إلى صحّة العمرى، إلا ما حكاه أبو الطيّب عن بعض الناس، والماورديُّ عن داود، وطائفة. لكن ابن حزم قال بصحّتها، وهو شيخ الظاهريّة. ثم اختلفوا إلى ما يتوجّه إليه التمليك،