حيّ بالصدقة للفقراء، وصلة الرحم، وأنواع البرّ (وَمَالُ وَارِثِكَ مَا أَخَّرْتَ) أي المال الذي يضاف إلى وارثك هو الذي تركته له بعد مماتك. قال ابن بطّال وغيره: فيه التحريض على تقديم ما يُمكن تقديمه من المال في وجوه القربة والبرّ؛ لينتفع به في الآخرة، فإن كلّ شيء يخلفه المورّث يصير ملكّا للوارث، فإن عمل فيه بطاعة اللَّه اختصّ بثواب ذلك، وكان ذلك الذي تعب في جمعه ومنعه (?)، وإن عمل فيه بمعصية اللَّه، فذاك أبعد لمالكه الأول من الانتفاع به، إن سلم من تبعته. ولا يعارضه قوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: لسعد بن أبي وقّاص - رضي اللَّه تعالى عنه -: "إنك أن تذر ورثتك أغنياء خيرٌ من أن تذرهم عالةً"؛ لأن حديث سعد - رضي اللَّه تعالى عنه - محمول على من تصدق بماله كلّه، أو معظمه في مرضه، وحديث ابن مسعود - رضي اللَّه تعالى عنه - في حقّ من يتصدّق في صحّته، وشُحّه. قاله في "الفتح" (?). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث عبد اللَّه بن مسعود - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا أخرجه البخاريّ.
(المسألة الثانية): في مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا- 1/ 3639 - وفي "الكبرى"1/ 6439. وأخرجه (خ) في "الرقاق" 6442 (أحمد) في "مسند المكثرين" 3619. واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو بيان كراهة تأخير الوصيّة. (ومنها): الحثّ على المبادرة في فعل الخير قبل ذوات أوانه. (ومنها): أن ما يفعله الإنسان في حياته من الإنفاق في وجوه الخير هو الذي يناله في الآخرة؛ لأنه من خالص ملكه. (ومنها): أن ما يجمعه الإنسان من المال، ويتركه للورثة، ليس له به أجرٌ، وإن أنفقه وارثه في وجوه الخير؛ لأنه ملكه، وليس ملكًا لمكتسبه، ولا ينافي هذا ما في حديث سعد بن أبي وقّاص - رضي اللَّه تعالى عنه - الآتي، حيث قاله النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تتركهم عالةً، يتكفّفون الناس ... "؛ لأن سعدًا أراد أن يتصدّق بماله كلّه في مرضه، وكان وارثه بنتًا، ولا طاقة لها على