{لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] تناول ذلك جميع أفراده، فلم يقف حتى يرد عليه البيان عن شيء بعينه، بل بادر إلى إنفاق ما يحبّه، وأقرّه النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - على ذلك. (ومنها): أنه استُدلّ به لما ذهب إليه مالكٌ -رحمه اللَّه تعالى- من أن الصدقة تصحّ بالقول من قبل القبض، فإن كانت لمعيّن استحقّ المطالبة بقبضها، وإن كانت لجهة عامّة خرجت عن ملك القائل، وكان للإمام صرفها في سبيل الصدقة، وكلّ هذا ما إذا لم يظهر مراد المتصدّق، فإن ظهر اتُّبعَ. (ومنها): جواز تولّي المتصدّق قسم صدقته. (ومنها): جواز أخذ الغنيّ من صدقة التطوّع، إذا حصل له بغير مسألة. (ومنها): جواز زيادة الصدقة في التطوّع على قدر نصاب الزكاة؛ خلافًا لمن قيّدها به. (ومنها): أنه لا يعتبر في القرابة من يجمعه والواقفّ أبٌ معيّنٌ، لا رابعٌ، ولا غيره؛ لأن أبيَّا - رضي اللَّه تعالى عنه - إنما يجتمع مع أبي طلحة - رضي اللَّه تعالى عنه - في الأب السادس. (ومنها): أنه لا يجب تقديم القريب على القريب الأبعد؛ لأن حسّانًا وأخاه، كانا أقرب إلى أبي طلحة من أبيّ، ونبيط - رضي اللَّه تعالى عنهم -، ومع ذلك فقد أشرك معهما أبيًّا، ونبيط بن جابر. (ومنها): أنه لا يجب الاستيعاب؛ لأن بني حرام الذي اجتمع فيه أبو طلحة، وحسّان كانوا بالمدينة كثيرًا، فضلاً عن عمرو بن مالك الذي يجمع أبا طلحة وأبيًّا رضي اللَّه تعالى عنهما. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعتُ، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكّلتُ، وإليه أنيب".
...
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: "المشاع" -بضمّ الميم- يقال: سهمٌ شائعٌ، وشاعٌ، ومُشاع: غير مقسوم. قاله في "القاموس". وقال الفيّوميّ: وشاع اللبن في الماء -أي من باب باع-: إذا تفرّق، وامتزج به، ومنه قيل: سهمٌ شائعٌ، كأنه ممتزجٌ؛ لعدم تميّزه. قاله الفيّوميّ.
واستدلال المصنّف -رحمه اللَّه تعالى- بأحاديث الباب على الترجمة واضحة، حيث إن عمر - رضي اللَّه تعالى عنه - وقف الأسهم التي له بخبر، وهي مشاع، فدلّ على جواز وقف المشاع الذي لم يقسم.
وبهذا قال مالكٌ، والشافعيّ، وأبو يوسف. وقال محمد بن الحسن: لا يصحّ، وبناه