(منها): مشروعيّة الوقف، والحبس؛ خلافًا لمن منع ذلك، وأبطله. قال في "الفتح": ولا حجة؛ لاحتمال أن تكون صدقة أبي طلحة تمليكًا، وهو ظاهر سياق الماجشون، عن إسحاق، كما تقدّم انتهى (?). (ومنها): أن فيه فضيلة لأبي طلحة رضي اللَّه تعالى عنه؛ لأن الآية تضمّنت الحثّ على الإنفاق من المحبوب، فترقّى هو إلى إنفاق أحبّ المحبوب إليه، فصوّب النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - رأيه، وشكر عن ربّه فعله، ثم أمره أن يخصّ بها أهله، وكنى عن رضاه بذلك بقوله: "بخ". (ومنها): جواز التصدّق من الحيّ في غير مرض الموت بأكثر من ثلث ماله؛ لأنه - صلى اللَّه عليه وسلم - لم يستفصل أبا طلحة عن قدر ما تصدق به، وقال لسعد بن أبي وقّاص: "الثلث كثيرٌ". (ومنها): تقديم الأقرب من الأقارب على غيرهم. (ومنها): أن منقطع الآخر في الوقف يُصرف لأقرب الناس إلى الواقف. (ومنها): أن الوقف يتمّ بقول الواقف: جعلت هذا وقفًا. (ومنها): أن الوقف لا يحتاج في انعقاده إلى قبول الموقوف عليه. (ومنها): أن الصدقة على الجهة العامّة لا تحتاج إلى قبول معيّن، بل للإمام قبولها منه، ووضعها فيما يراه، كما في قصّة أبي طلحة - رضي اللَّه تعالى عنه -. (ومنها): جواز إضافة حبّ المال إلى الرجل الفاضل العالم، ولا نقص عليه في ذلك، وقد أخبر تعالى عن الإنسان: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} [العاديات: 8]، والخير هنا المال اتفاقًا. (ومنها): اتخاذ الحوائط والبساتين، ودخول أهل الفضل والعلم فيها، والاستظلال بظلّها، والأكل من ثمرها، والراحة، والتنزّه فيها، وقد يكون ذلك مستحبَّا يترتّب عليه الأجر، إذا قصد به إجمام النفس (?) من تعب العبادة، وتنشيطها للطاعة. (ومنها): أن فيه كسب العقار. (ومنها): إباحة الشرب من دار الصديق، ولو لم يكن حاضزا إذا علم طيب نفسه. (ومنها): إباحة استعذاب الماء، وتفضيل بعضه على بعض. (ومنها): أن بعض المالكيّه استدلّ به على صحّة الصدقة المطلقة، ثم يعينها المتصدّق لمن يريد. (ومنها): أنه استُدلّ به للجمهور في أن من أوصى أن يفرّق ثلث ماله حيث أرى اللَّه الوصيّ صحّت وصيّته، ويفرّقه الوصيّ في سبيل الخير، ولا يأكل منه شيئًا، ولا يُعطي منه وارثًا للميت، وخالف في ذلك أبو ثور، وفاقًا للحنفيّة في الأول، دون الثاني.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هكذا قال الجمهور، والذي يظهر لي أن ما قاله أبو ثور أقرب؛ لعموم قول الموصي، فرّقه حيث أراك اللَّه. واللَّه تعالى أعلم.
(ومنها): التمسّك بالعموم؛ لأن أبا طلحة - رضي اللَّه تعالى عنه - فهم من قوله تعالى: