(المسألة الثالثة): في فوائده (?):

(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو بيان كيفية كتابة الوقف، وقد ساق أبو داود -رحمه اللَّه تعالى- نصّ كتابة وقف عمر - رضي اللَّه عنه - في "سننه"، فقال:

حدثنا سليمان بن داود المهري، حدثنا ابن وهب، أخبرني الليث، عن يحيى بن سعيد، عن صدقة عمر بن الخطاب - رضي اللَّه عنه -، قال: نسخها لي عبد الحميد بن عبد اللَّه بن عبد اللَّه بن عمر بن الخطاب:

"بسم اللَّه الرحمن الرحيم، هذا ما كتب عبد اللَّه، عمر، في ثَمْغ، فقصّ من خبره نحو حديث نافع، قال: "غير متأثل مالا، فما عما عنه من ثمره، فهو للسائل والمحروم"، قال: وساق القصة، قال: وإن شاء ولي ثمغ، اشترى من ثمره رقيقا لعمده، وكتب معيقيب، وشهد عبد اللَّه بن الأرقم، بسم اللَّه الرحمن الرحيم، هذا ما أوصى به عبد اللَّه عمر، أمير المؤمنين، إن حَدَثَ به حدث، أن ثمغا، وصِرْمَة ابن الأكوع، والعبد الذي فيه، والمائة سهم التي بخيبر، ورقيقه الذي فيه، والمائة التي أطعمه محمد - صلى اللَّه عليه وسلم - بالوادي، تليه حفصة، ما عاشت، ثم يليه ذو الرأي من أهلها، أن لا يباع، ولا يشترى، ينفقه حيث رأى، من السائل، والمحروم، وذوي القربى، ولا حرج على من وليه إن أكل، أو آكل، أو اشترى رقيقا منه".

(ومنها): جواز ذكر الولد أباه باسمه المجرّد من غير كنية، ولا لقب. (ومنها): استحباب استثارة أهل العلم والدين والفضل في طرق الخير، سواء كانت دينيّةً، أو دنيوية، وأن المشير يُشير بأحسن ما يظهر له في جميع الأمور. (ومنها): أن فيه فضيلة ظاهبرة لعمر - رضي اللَّه عنه -، حيث رغب في العمل بقوله تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92]. (ومنها): أن فيه فضل الصدقة الجارية. (ومنها): صحة شروط الواقف، واتباعه فيها، وأنه لا يشترط تعيين المصرف لفظًا. (ومنها): أن الوقف لا يكون إلا فيما له أصل يدوم الانتفاع به، فلا يصحّ وقف ما لا يدوم الانتفاع به، كالطعام. هكذا قيل، وهو محلّ نظر. (ومنها): أنه لا يكفي في الوقف لفظ الصدقة، سواء قال: تصدّقت به بكذا، أو جعلته صدقة حتى يُضيف إليها شيئًا آخر؛ لتردد الصدقة بين أن تكون تمليك الرقبة، أو وقف المنفعة، فإذا أضاف إليها ما يميّز أحد المحتملين صحّ، بخلاف ما لو قال: وقفتُ، أو حبستُ، فإنه صريحٌ في ذلك، على الراجح، وقيل: الصريح الوقف خاصّة. وفيه نظرٌ؛ لثبوت التحبيس في قصّة عمر - رضي اللَّه عنه - هذه،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015