ثلاثة أسهم، سهمٌ له، وسهمان لفرسه، وللراجل سهم. قال ابن المنذر: هذا مذهب عمر بن عبد العزيز، والحسن، وابن سيرين، وحبيب بن أبي ثابت، وعوامّ علماء الإسلام في القديم والحديث، منهم: مالك، ومن تبعه من أهل المدينة، والثوريّ، ومن وافقه من أهل العراق، والليث بن سعد، ومن تبعه من أهل مصر، والشافعيّ، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأبو يوسف، ومحمد.
وقال أبو حنيفة: للفرس سهم واحد؛ لما روى مُجمّع بن جارية أن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - قسم خيبر على أهل الحديبية، فأعطى الفارس سهمين، وأعطى الراجل سهمّا. رواه أبو داود؛ ولأنه حيوانٌ ذو سهم، فلم يزد على سهم، كالآدميّ.
واحتجّ الأولون بما روى ابن عمر - رضي اللَّه تعالى عنهما - أن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - أسهم يوم خيبر، للفارس ثلاثة أسهم، سهمان لفرسه، وسهم له. متّفقٌ عليه. انتهى (?).
وقال أبو العبّاس القرطبيّ -رحمه اللَّه تعالى-: حديث ابن عمر المذكور حجة لمالك، والجمهور على أنه يُقسم للفرس وراكبه ثلاثة أسهم، وللراجل سهم، لا سيّما على رواية "وللرجل"، فإنه يريد به راكب الفرس، وأن الألف واللام فيه للعهد. وقد روي من طريق صحيح عن ابن عمر أن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - أسهم لرجل، وفرسه ثلاثة أسهم، سهمّا له، ولفرسه سهمين. ذكره أبو داود. وفي البخاريّ عن ابن عمر: " جعل للفرس سهمين، ولصاحبه سهمًا".
ومن جهة المعنى أن مؤن الفارس أكثر، وغَناؤه أعظم، فمن المناسب أن يكون سهمه أكثر من سهم الراجل.
وشذّ أبو حنيفة، فقال: يقسم للفرس كما يقسم للرجل. ولا أثر يعضده، ولا قياس يعتمده، ولذلك خالفه في ذلك كبراء أصحابه، كأبي يوسف، ومحمد بن الحسن، وغيرهما. وقد ذكر أبو بكر بن أبي شيبة من حديث ابن عمر - رضي اللَّه تعالى عنهما -: "أن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - قسم للفارس سهمين، وللراجل همًا". والصحيح من حديث ابن عمر - رضي اللَّه تعالى عنهما - ما خرّجه البخاريّ ومسلم، كما ذكرناه انتهى (?).
وقال في "الفتح": قال محمد بن سحنون: انفرد أبو حنيفة بذلك (?)، دون فقهاء الأمصار، ونقل عنه أنه قال: أكره أن أفضّل بهيمة على مسلم، وهي شبهة ضعيفة؛ لأن