نسخ المراجعة بعد الطلاق الثلاث، وهذا مما خلاف فيه إِذا كان الطلاق مرتّبًا، وإنما الخلاف فيما إذا أوقعه بكلمة واحدة، فقد تقدّم أن الأرجح، أن له المراجعة؛ والجمهور على خلافه، فراجع المسألة في -7/ 3430 - تجد جوابًا شافيًا، واللَّه تعالى وليّ التوفيق.
ثم إن قوله: "وذلك بأن الرجل كان إذا طلّق امرأته إلى قوله: "فنسخ ذلك" يدلّ على أن هذا كان في أول الإسلام؛ لأن النسخ لا يكون إلا فيما شُرع في الإسلام، ثم أزيل؛ إذ النسخ رفع حكم شرعيّ بخطاب شرعيّ متراخ عنه.
قال الحافظ ابن كثير -رحمه اللَّه تعالى- في "تفسيره" عند قوله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} الآية: هذه الآية الكريمة رافعة لما كان عليه الأمر في ابتداء الإسلام من أن الرجل كان أحقّ برجعة امرأته، وإن طلّقها مائة مرّة، ما دامت في العدّة، فلما كان هذا فيه ضرر على الزوجات، قصرهم اللَّه إلى ثلاث طلقات، وأباح الرجعة في المرة، والثنتين، وأبانها بالكليّة في الثالثة.
وأخرج ابن مردويه، وغيره من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها -، قالت: لم يكن للطلاق وقتٌ، يطلّق الرجل امرأته، ثم يراجعها، ما لم تنقض العدّة، وكان بين رجل من الأنصار، وبين أهله ما يكون بين الناس، فقال: واللَّه لأتركنّك لا أيّمًا، ولا ذات زوج، فجعل يُطلّقها حتى إذا كادت العدة أن تنقضي راجعها، ففعل ذلك مرارًا، فأنزل اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ- فيه: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}، فوقت الطّلاق ثلاثًا، لا رجعة فيه بعد الثالثة، حتى تنكح زوجًا غيره. روي هذا الحديث مرسلًا وموصولًا، وصححه الحاكم، وقال الترمذي: المرسل أصح (?). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".
...
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هي -بفتح الراء، وهو الأفصح، وكسرها، وسكون