وحده، إذا كانت حاملًا، فإذا وضعت صارت نفقتها على من تجب عليه نفقة الطفل، ولا يكون حالها في حال حملها كذلك، بحيث تجب نفقتها على من تجب عليه نفقة الطفل، فإنه في حال حملها جزء من أجزائها، فإذا انفصل كان له حكم آخر، وانتقلت النفقة من حكم إلى حكم، فظهرت فائدة التقييد، وسرّ الاشتراط. واللَّه أعلم بما أراد من كلامه. انتهى كلام ابن القيّم -رحمه اللَّه تعالى- (?).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الذي حققه العلاّمة ابن القيّم -رحمه اللَّه تعالى- تحقيق نفيس جدًّا.
وحاصله أن حديث فاطمة بنت قيس - رضي اللَّه تعالى عنها - حديث صحيح يجب العمل به؛ فإن المطاعن التي وُجّهت إليه غير مقبولة. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الثانية): في اختلاف أهل العلم في حكم نفقة المبتوتة:
قال الحافظ أبو عمر ابن عبد البرّ -رحمه اللَّه تعالى-: اختلف الناس في النفقة للمبتوتة إذا لم تكن حاملًا:
فأباها قومٌ، وهم أهل الحجاز، منهم مالك، والشافعيّ، وتابعهم على ذلك أحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأبو عبيد. وحجتهم هذا الحديث، قوله - صلى اللَّه عليه وسلم - لفاطمة: "ليس لك عليه نفقة"، وهو مرويّ من وجوه صحاح، متواترة عن فاطمة - رضي اللَّه تعالى عنها -.
وممن قال: إن المبتوتة لا نفقة لها، إن لم تكن حاملًا: عطاء بن أبي رباح، وابن شهاب، وسعيد بن المسيّب، وسليمان بن يسار، والحسن البصريّ. وبه قال الليث بن سعد، والأوزاعيّ، وابن أبي ليلى.
وقال أبو حنيفة، وأصحابه، والثوريّ، والحسن بن حيّ: لكلّ مطلّقة السكنى، والنفقة، ما دامت في العدّة، حاملًا كانت، أو غير حامل، مبتوتة، أو رجعيّة. وهو قول عثمان البَتِّيِّ، وابن شُبْرُمة.
وحجتهم في ذلك أن عمر بن الخطاب، وعبد اللَّه بن مسعود - رضي اللَّه تعالى عنهما -، قالا في المطلّقة ثلاثًا: لها السكنى والنفقة ما كانت في العدّة.
وقالت طائفة: المطلّقة المبتوتة إن لم تكن حاملًا لا سكنى لها، ولا نفقة، منهم: الشعبيّ، وميمون بن مهران، وعكرمة، ورواية عن الحسن. وروي ذلك عن عليّ، وابن عبّاس، وجابر بن عبد اللَّه. وبه قال أحمد بن حنبل، وإسحاق، وأبو ثور،