تصحيح تأخر الآية، وعدم وقوع المسح بعدها. وحديث جرير نص في موضع النزاع، والقدح في جرير بأنه فارق عليا ممنوع، فإنه لم يفارقه، إنما احتبس عنه بعد إرساله إلى معاوية لأعذار، على أنه قد نقل الإمام الحافظ محمَّد بن إبراهيم الوزير الإجماع على قبول رواية فاسق التأويل في عواصمه وقواصمه من عشرة طرق، ونقل الإجماع أيضا من طرق أكابر أئمة الآل وأتباعهم على قبول رواية الصحابة قبل الفتنة وبعدها.
فالاسترواح إلى الخلوص عن أحاديث المسح بالقدح في ذلك الصحابي الجليل بذلك الأمر مما لم يقل به أحد من العشرة، وأتباعهم، وسائر علماء الإسلام، وصرح الحافظ في الفتح بأن آية المائدة نزلت في غزوة المريسيع، وحديث المغيرة كان في غزوة تبوك، وتبوك متأخرة بالاتفاق. وقد صرح أبو داود في سننه بأن حديث المغيرة في غزوة تبوك وقد ذكر البزار أن حديث المغيرة هذا رواه عنه ستون.
"واعلم" أن في المقام مانعًا من دعوى النسخ لم يتنبه له أحد فيما علمت.
وهو أن الوضوء ثابت قبل نزول المائدة بالاتفاق، فإن كان المسح على الخفين ثابتا قبل نزولها فورودها بتقدير أحد الأمرين: أعني الغسل مع عدم التعرض للآخر، وهو المسح، لا يوجب نسخ المسح على الخفين، لا سيما إذا صح ما قاله البعض من أن قراءة الجر في قوله في الآية: {وأرجلكم} مراد بها مسح الخفين، وأما إذا كان المسح غير ثابت قبل نزولها، فلا نسخ بالقطع. نعم يمكن أن يقال على التقدير الأول: إن الأمر بالغسل نهي عن ضده، والمسح على الخفين من أضداد الغسل المأمور به، لكن كون الأمر بالشيء نهيا عن ضده محل نزاع واختلاف، وكذلك كون المسح على الخفين ضدا للغسل، وما كان بهذه المثابة حقيق بأن