في سند هذا الحديث، في شيخ ابن جريج، والظاهر أن المصنّف يرجّح رواية حجاج على رواية ابن وهب؛ لأن حجاجًا أثبت في ابن جريج من ابن وهب، وغيره، وقد نقل هذا عن النسائيّ الحافظُ أبو الحجاج المزّيّ في "تحفة الأشراف" 12/ 300 - فقال: قال النسائيّ: وحجّاج في ابن جُريج أثبت عندنا من ابن وهب انتهى. والحافظ في ترجمة عبد اللَّه بن كثير من "تهذيب التهذيب" 2/ 407. وقال الحافظ أيضًا في "النكت الظراف" 12/ 299 - : وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه" عن يوسف كما قال النسائيّ، وقال بعده: قال أحمد بن حنبل: ابن وهب، عن ابن جريج فيه شيء. انتهى.
والحديث أخرجه مسلم في "صحيحه"، عن هارون بن سعيد الأيليّ، عن ابن وهب، عن ابن جريج، عن عبد اللَّه بن كثير بن المطّلب، عن محمد بن مخرمة به. قال مسلم: أخبرني من سمع الحجاج الأعور -واللفظ له- قال: نا ابن جريج، قال: أخبرني عبد اللَّه -رجل من قريش- عن محمد بن قيس بن مخرمة بن المطّلب به.
والحاصل أن متن الحديث صحيح، لا تضرّه المخالفة المذكورة. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
ثم أورد المصنّف -رحمه اللَّه تعالى- رواية حجاج بن محمد، فقال:
3415 - حَدَّثَنَا (?) يُوسُفُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ مُسْلَّمٍ الْمِصِّيصِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ, عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ, أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ (?) , أَنَّهُ سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ, يَقُولُ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ تُحَدِّثُ, قَالَتْ: أَلاَ أُحَدِّثُكُمْ عَنِّي, وَعَنِ النَّبِيِّ - صلى اللَّه عليه وسلم -؟ , قُلْنَا بَلَى, قَالَتْ: لَمَّا كَانَتْ لَيْلَتِي الَّتِي هُوَ عِنْدِي -تَعْنِي النَّبِيَّ - صلى اللَّه عليه وسلم -, انْقَلَبَ, فَوَضَعَ نَعْلَيْهِ عِنْدَ رِجْلَيْهِ, وَوَضَعَ رِدَاءَهُ, وَبَسَطَ طَرَفَ إِزَارِهِ عَلَى فِرَاشِهِ, فَلَمْ يَلْبَثْ, إِلاَّ رَيْثَمَا ظَنَّ أَنِّي قَدْ رَقَدْتُ, ثُمَّ انْتَعَلَ رُوَيْدًا, وَأَخَذَ رِدَاءَهُ رُوَيْدًا, ثُمَّ فَتَحَ الْبَابَ رُوَيْدًا, وَخَرَجَ وَأَجَافَهُ رُوَيْدًا, وَجَعَلْتُ دِرْعِي فِي رَأْسِي, وَاخْتَمَرْتُ, وَتَقَنَّعْتُ إِزَارِي, فَانْطَلَقْتُ فِي إِثْرِهِ, حَتَّى جَاءَ الْبَقِيعَ, فَرَفَعَ يَدَيْهِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ, وَأَطَالَ الْقِيَامَ, ثُمَّ انْحَرَفَ, فَانْحَرَفْتُ, فَأَسْرَعَ, فَأَسْرَعْتُ, فَهَرْوَلَ (?) , فَهَرْوَلْتُ, فَأَحْضَرَ, فَأَحْضَرْتُ, وَسَبَقْتُهُ (?) , فَدَخَلْتُ, فَلَيْسَ إِلاَّ أَنِ (?) اضْطَجَعْتُ, فَدَخَلَ, فَقَالَ: "مَا لَكِ يَا عَائِشَةُ حَشْيَا رَابِيَةً؟ ", قَالَتْ: لاَ, قَالَ: «لَتُخْبِرِنِّي أَوْ لَيُخْبِرَنِّي