حفصة، فجاءت، فوجدتها معه، فقالت: يا رسول اللَّه، في بيتي تفعل هذا معي، دون نسائك ... "، فذكر نحوه. قال الحافظ: وهذه الطرق يقوّي بعضها بعضًا، فيحتمل أن تكون الآية نزلت في السببين معًا انتهى (?).
وقال في موضع آخر بعد ذكر الاختلاف المذكور: ووقع في رواية يزيد رومان، عن عائشة عند ابن مردويه ما يجمع القولين، وفيه: "أن حفصة أهديت لها عُكّة فيها عسلٌ، وكان رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - إذا دخل عليها حبسته حتى تُلعقه، أو تسقيه منها، فقالت عائشة لجارية عندها حبشيّة، يقال لها: خضراء: إذا دخل على حفصة، فانظري ما يصنع؟، فأخبرتها الجاربة بشأن العسل، فأرسلت إلى صواحبها، فقالت: إذا دخل عليكنّ، فقلن: إنا نجد منك ريح مغافير، فقال: هو عسل، واللَّه لا أطعمه أبدًا، فلما كان يوم حفصة استأذنته أن تأتي أباها، فأذن لها، فذهبت، فأرسل إلى جاريته مارية، فأدخلها بيت حفصة، قالت حفصة: فرجعت، فوجدت الباب مغلقًا، فخرج، ووجهه يقطر، وحفصة تبكي، فعاتبته، فقال: أُشهدك أنها حرام، انظري لا تخبري بهذا امرأةً، وهي عندكِ أمانة، فلما خرج قرعت حفصة الجدار الذي بينها وبين عائشة، فقالت: ألا أبشّرك إن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - قد حرم أمته، فنزلت". وعند ابن سعد من طريق شعبة، مولى ابن عبّاس، عنه، "خرجت حفصة من بيتها يوم عائشة، فدخل رسول اللَّه بجاريته القبطيّة بيت حفصة، فجاءت، فرقبته حتى خرجت الجارية، فقالت له: أما إني قد رأيتُ ما صنعتَ، قال: "فاكتمي عليّ، وهي حرام، فانطلقت حفصة إلى عائشة، فأخبرتها، فقالت له عائشة: أما يومي، فتعرس فيه بالقبطيّة، ويسلم لنسائك سائر أيّامهنّ، فنزلت الآية".
وجاء في ذلك ذكر قول ثالث، أخرجه ابن مردويه، من طريق الضحّاك، عن ابن عبّاس، قال:، دخلت حفصة على النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - بيتها، فوجدت معه مارية، فقال: لا تُخبري عائشة، حتى أبشّرك ببشارة، إن أباك يلي هذا الأمر بعد أبي بكر إذا أنا متّ، فذهبت إلى عائشة، فأخبرتها، فقالت له عائشة ذلك، والتمست منه أن يحرّم مارية، فحرّمها، ثم جاء إلى حفصة، فقال: أمرتك ألا تُخبري عائشة، فأخبرتها، فعاتبها على ذلك، ولم يعاتبها على أمر الخلافة، فلهذا قال اللَّه تعالى: {عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ}، وأخرج الطبرانيّ في "الأوسط"، وفي "عشرة النساء" عن أبي هريرة - رضي اللَّه عنه - نحوه بتمامه، وفي كلّ منهما ضعف انتهى (?).