آدم منها بورقة تَسَتَّر بها، فتُركت عليه. وروى أحمد، والترمذيّ من حديث أبي أيوب - رضي اللَّه عنه -، قال: قال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "أربعٌ من سنن المرسلين: التعطّر، والحياء، والنكاح، والسواك" (?).

وقال الشيخ تقيّ الدين السبكيّ -رحمه اللَّه تعالى-: السرّ في إباحة نكاح أكثر من أربع لرسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - أن اللَّه تعالى أراد نقل بواطن الشريعة، وظواهرها، وما يُستحيا من ذكره، وما لا يُستحيا منه، وكان رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - أشدّ الناس حياء، فجعل اللَّه تعالى نسوة ينقلن من الشرع ما يرينه من أفعاله، ويسمعنه من أقواله التي قد يستحيي من الإفصاح بها بحضرة الرجال؛ ليتكمّل نقل الشريعة، وكثر عدد النساء؛ ليكثر الناقلون لهذا النوع، ومنهنّ عُرف مسائل الغسل، والحيض، والعدة، ونحوها. قال: ولم يكن ذلك لشهوة منه في النكاح، ولا كان يحبّ الوطء للذّة البشريّة، معاذ اللَّه، وإنما حُبّب إليه النساء لنقلهنّ عنه ما يَستَحيِي هو من الإمعان في التلفّظ به، فأحبّهنّ لما فيه من الإعانة على نقل الشريعة في هذه الأبواب. وأيضًا فقد نقلن ما لم ينقله غيرهنّ، مما رأينه في منامه، وحالة خلوته، من الآيات البيّنات على نبوّته، ومن جِدِّه، واجتهاده في العبادة، ومن أمور يشهد كلّ ذي لبّ أنها لا تكون إلا لنبيّ، وما كان يشاهدها غيرهنّ، فحصل بذلك خيرٌ عظيمٌ.

وقال الموفّق عبد اللطيف البغداديّ: لَمّا كانت الصلاة جامعةً لفضائل الدنيا والآخرة، خصّها بزيادة صفة، وقدّم الطيب (?) لإصلاحه النفس، وثَنّى بالنساء؛ لإماطة أذى النفس بهنّ، وثلّث بالصلاة؛ لأنها تحصل حينئذ صافيةً عن الشوائب، خالصةً عن الشواغل. انتهى كلام السيوطيّ -رحمه اللَّه تعالى- (?). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث أنس - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا صحيح، وهو من أفراد المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، لم يُخرجه من أصحاب الأصول غيره، أخرجه هنا-1/ 3390 و 3391 - وفي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015