تفرّد به المصنّف، والترمذيّ، وله عند المصنّف في هذا الكتاب حديث الباب فقط.
4 - (ثابت) بن أسلم البنانيّ، أبو محمد البصريّ، ثقة عابد [4] 45/ 53.
5 - (أنس) بن مالك - رضي اللَّه تعالى عنه - 6/ 6. واللَّه تعالى أعلم.
لطائف هذا الإسناد:
(منها): أنه من خماسيات المصنف -رحمه اللَّه تعالى-. (ومنها): أن رجاله كلهم رجال الصحيح، غير سلّام، فتفرّد به المصنف، والترمذيّ. (ومنها): أنه مسلسل بالبصريين، غير شيخه، فنيسابوريّ، وفيه أنس - رضي اللَّه عنه - من المكثرين السبعة، وآخر من مات من الصحابة بالبصرة، كما سبق بيانه في الباب الماضي. واللَّه تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عَنْ أَنَس) بن مالك - رضي اللَّه تعالى عنه -، أنه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "حُبِّبَ) بالبناء للمفعول (إِلَيَّ مِنَ الدُّنيَا: النِّسَاءُ، والطِّيبُ) قال السنديّ: قيل: إنما حُبّب إليه النساء لينقلن عنه ما لا يطّلع عليه الرجال من أحواله، وُيستحيا من ذكره. وقيل: حُبّب إليه زيادة في الابتلاء في حقّه حتى لا يلهو بما حُبّب إليه من النساء عما كُلّف به من أداء الرسالة، فيكون ذلك أكثر لمشاقّه، وأعظم لأجره. وقيل: غير ذلك. وأما الطيب، فكأنه يحبّه لكونه يناجي الملائكة، وهم يُحبّون الطيب، وأيضًا هذه المحبّة تنشأ من اعتدال المزاج، وكمال الخلقة، وهو - صلى اللَّه عليه وسلم - أشدّ اعتدالاً من حيث المزاج، وأكمل خلقة (?).
وقال السيوطيّ: قال بعضهم: في هذا قولان:
[أحدهما]: أنه زيادة في الابتلاء والتكليف حتى لا يلهو بما حُبّب إليه من النساء عما كُلِّف من أداء الرسالة، فيكون ذلك أكثر لمشاقّه، وأعظم لأجره.
و [الثاني]: لتكون خلواته مع ما يُشاهدها من نسائه، فيزول عنه ما يرميه به المشركون من أنه ساحرٌ، أو شاعر فيكون تحبيبهنّ إليه على وجه اللطف به، وعلى القول الأول على وجه الابتلاء، وعلى القولين، فهو له فضيلة. وقال التستريّ في "شرح الأربعين" "من" في هذا الحديث بمعنى "في"؛ لأن هذه من الدين، لا من الدنيا، وإن كانت فيها، والإضافة في رواية "دنياكم" للإيذان بأن لا علاقة له بها.
وفي هذا الحديث إشارةٌ إلى وفائه - صلى اللَّه عليه وسلم - بأصلي الدين: وهما التعظيم لأمر اللَّه، والشفقة على خلق اللَّه، وهما كمالا قوّتيه النظريّة، والعلميّة، فإن كمال الأولى بمعرفة