بقوله: "واضربوا" على أن ذلك لا يختصّ بالنساء، لكنه ضعيف، والأحاديث القوية فيها الإذن في ذلك للنساء، فلا يلتحق بهنّ الرجال؛ لعموم النهي عن التشبّه بهنّ انتهى (?).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الذي يظهر لي أن ما دلّ عليه حديث الباب، وهو جواز الغناء في العرس، وجواز استماع الرجال إليه هو الحقّ؛ وقد ثبت تخصيص بعض الحالات بجواز الغناء فيها:

منها: العرس، وأدلتها الأحاديث المذكورة آنفًا.

(ومنها): قدوم الغائب؛ لما أخرجه أحمد، في "مسنده"، والترمذيّ، واللفظ له، من طريق عبد اللَّه بن بريدة، قال: سمعت بريدة، يقول: خرج رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - في بعض مغازيه، فلما انصرف جاءت جارية سوداء، فقالت: يا رسول اللَّه، إني كنت نذرت إن ردك اللَّه سالما، أن أضرب بين يديك بالدفّ، وأتغنّى، فقال لها رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "إن كنت نذرت فاضربي، وإلا فلا"، فجعلت تضرب، فدخل أبو بكر، وهي تضرب، ثم دخل علي، وهي تضرب، ثم دخل عثمان، وهي تضرب، ثم دخل عمر، فألقت الدفّ تحت اسْتِهَا، ثم قعدت عليه، فقال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "إن الشيطان، ليخاف منك يا عمر، إني كنت جالسا، وهي تضرب، فدخل أبو بكر، وهي تضرب، ثم دخل علي، وهي تضرب، ثم دخل عثمان، وهي تضرب، فلما دخلت أنت يا عمر، ألقت الدفّ". قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح غريب، من حديث بريدة، وفي الباب عن عمر، وسعد بن أبي وقاص، وعائشة.

قال الشوكانيّ (?): وقد استدلّ المصنّف -يعني صاحب "المتنقى" - بحديث الباب على جواز ما دلّ عليه الحديث عند القدوم من الغيبة، والقائلون بالتحريم يخصّون مثل ذلك من عموم الأدلّة الدّالة على المنع. وأما المجوّزون، فيستدلّون به على مطلق الجواز لما سلف، وقد دلّت الأدلّة على أنه لا نذر في معصية اللَّه، فالإذن منه - صلى اللَّه عليه وسلم - لهذه المرأة بالضرب يدلّ على أن ما فعلته ليس بمعصية في مثل ذلك الموطن، وفي بعض ألفاظ الحديث أنه قال لها: "أوف بنذرك".

(ومنها): ما ورد في الأعياد؛ لحديث عائشة - رضي اللَّه عنها -، قالت: دخل أبو بكر، وعندي جاريتان، من جواري الأنصار، تغنيان بما تقاولت الأنصار يوم بُعاث، قالت: وليستا بمغنيتين، فقال أبو بكر: أمزامير الشيطان، في بيت رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -؟، وذلك في يوم عيد، فقال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "يا أبا بكر، إن لكلّ قوم عيدا، وهذا عيدنا". متّفقٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015