{إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ} الآية [الأحزاب: 28]. أي أعطكنّ حقوقكنّ، وأُطَلِّقُ سراحكنّ.
قال الحافظ ابن كثير: وقد اختلف العلماء في جواز تزوّج غيره لهنّ لو طلّقهنّ على قولين: أصحّهما نعم لو وقع؛ ليحصل المقصود من السراح. واللَّه أعلم.
قال عكرمة: وكان تحته - صلى اللَّه عليه وسلم - يومئذ تسع نسوة: خمس من قريش: عائشة، وحفصة، وأم حبيبة، وسودة، وأم سلمة - رضي اللَّه تعالى عنهنّ -، وكانت تحته - صلى اللَّه عليه وسلم - صفية بنت حُيي النضِيريّة، وميمونة بنت الحارث الهلاليّة، وزينب بنت جحش الأسديّة، وجويرية بنت الحارث المصطلقيّة - رضي اللَّه تعالى عنهنّ -، وأرضاهنّ (?).
(فَقُلتُ: فِي هَذَا أَسْتَأْمِرُ أَبَوَيَّ؟، فَإنِّي أُرِيدُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ) زاد في رواية محمد بن عمرو: "ولا أؤامر أبويّ: أبا بكر، وأم رومان، فضحك"، وفي رواية عمر بن أبي سلمة، عن أبيه عند الطبريّ: "ففرح".
وفي الرواية الآتية في -26/ 3440 - من طريق يونس، وموسى بن عُليّ، كلاهما عن ابن شهاب: "قالت عائشة: ثم فعل أزواج النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - مثل ما فعلت، ولم يكن ذلك حين قال لهنّ رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، واخترنه طلاقًا، من أجل أنهن اخترنه".
وفي رواية محمد بن عمرو المذكورة: "ثم استقرَأَ الحُجَر -يعني حَجَر أزواجه- أي تتبَّعَ، والْحُجَر -بضمّ المهملة، وفتح الجيم- جمع حُجْرة -بضم، ثم سكون- والمراد مساكن أزواجه - صلى اللَّه عليه وسلم -. وفي حديث جابر المذكور أن عائشة لما قالت: "بل أختار اللَّه ورسوله، والدار الآخرة"، قالت: "يا رسول اللَّه، وأسألك أن لا تُخبر امرأة من نسائك بالذي قلت، فقال: لا تسألني امرأة منهنّ إلا أخبرتها، إن اللَّه لم يبعثني متعنّتًا، وإنما بعثني معلّمًا ميسّرًا". وفي رواية معمر عند مسلم: "قال معمرٌ: فأخبرني أيوب أن عائشة قالت: لا تُخبر نساءك أني اخترتك، فقال: إن اللَّه أرسلني مبلّغا، ولم يُرسلني متعنّتًا". وهذا منقطع بين أيوب وعائشة، ويشهد لصحّته حديث جابر.
[تنبيه]: وقع في "النهاية"، "والوسيط" التصريح بأن عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها - أرادت أن يختار نساؤه الفراق. قال الحافظ: فإن كانا ذكراه فيما فهماه من السياق، فذاك، وإلا فلم أر في شيء من طرق الحديث التصريح بذلك انتهى (?). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.