مسلم من طريق جرير، عن الأعمش: "جاء رجلٌ بناقة مخطومة، فقال: هذه في سبيل اللَّه ... " (مَخْطُومَةٍ) أي فيها خطام، وهو قريبٌ من الزمام. قاله النوويّ (?). وقال ابن الأثير: خِطَامُ البعيرِ أن يُؤخذ من لِيفٍ، أو شَعَرٍ، أو كَتّان، فيُجعل في أحد طرفيه حَلْقة، ثمّ يُشدّ فيه الطرف الآخر حتى يَصير كالحَلْقَة، ثم يُقاد البعير، ثم يُثَنَّى على مَخْطِمِهِ. وأما الذي يُجعَلُ في الأنف دَقِيقًا فهو الزِّمَامُ انتهى (?) (فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَالَ: رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "لَيَأْتِيَنَّ) بفتح أوّله، من الإتيان، والضمير للرجل، أيَ ليَحضُرَنَّ (يَوْمَ الْقِيَامَةِ بسَبْعِمِائَةِ نَاقَةٍ مَخْطُومَةٍ) أي جزاء ما تصدّق به في الدنيا. ولفظ مسلم: "لك بها يوم القياَمة سبعمائة ناقة كلّها مخطومة". قال النوويّ -رحمه اللَّه تعالى-: قيل: يحتمل أن المراد له أجر سبعمائة ناقة. ويحتمل أن يكون على ظاهره، ويكون له في الجنّة بها سبعمائة، كلّ واحدة منهنّ مخطومة، يركبهنّ حيث يشاء للتنزّه، كما جاء في خيل الجنّة (?)، ونُجُبها، وهذا الاحتمال أظهر. انتهى.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الاحتمال الأخير هو الحقّ، كما استظهره النوويّ؛ لأن نصوص الشارع إذا أمكن حملها على ظاهرها تعيّن، ولا يصار إلى التأويل إلا عند وجود دليل عليه. ومما يؤيّد هذا الاحتمال الظاهر -كما قال القاضي عياض -رحمه اللَّه تعالى- قوله: "مخطومة"، فإنه ظاهر في كونها ناقة عليها خطامها. واللَّه تعالى أعلم.

وقال القرطبيّ -رحمه اللَّه تعالى-: هذه الحسنة مما ضُوعف إلى سبعمائة ضعف، وهو أقصى الأعداد المحصورة التي تضاعَف الحسنات إليها، وهذا كما قال تعالى: {كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ} [البقرة: 261] وبقي بعد هذا المضاعفة من غير حصر، ولا حدّ، وهي مفهومة من قوله تعالى: {وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ} الآية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015