ضعيف، ولو صحّ فالقصّة كانت زمن الفتح، وقصّة منى في حجة الوداع، وكان لا بدّ من بيان ذلك؛ لبعد العهد، ولكثرة من حضر في الحجّ ممن لم يحضر الفتح، فتأمّل بالإنصاف، ولا تتحيّر بالاعتساف.

والحاصل أن الحقّ قول من قال: إن الجمع والقصر للنسك. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الثانية): في اختلاف أهل العلم في حكم صلاة المغرب قبل المزدلفة:

قال الترمذيّ -رحمه اللَّه تعالى-- بعد ذكر الحديث-: ما نصّه: والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم، أنه لا يصلي المغرب دون جمع. قال الحافظ العراقيّ -رحمه اللَّه تعالى-: كأنه أراد العمل عليه مشروعيّةً، واستحبابًا، لا تحتمًا، ولا لزومًا، فإنهم لم يتّفقوا على ذلك، بل اختلفوا فيه، فقال سفيان الثوريّ: لا يصليهما حتى يأتي جمعًا، وله السعة في ذلك إلى نصف الليل، فإن صلاهما دون جمع أعاد، وكذا قال أبو حنيفة: إن صلاهما قبل المزدلفة فعليه الإعادة، وسواء صلاهما قبل مغيب الشفق، أو بعده، فعليه أن يعيدهما إذا أتى المزدلفة. وقال مالك: لا يصليهما أحد قبل جمع، إلا من عذر، ولم يجمع بينهما حتى يغيب الشفق. وذهب الشافعيّ إلى أن هذا هو الأفضل، وأنه إن جمع بينهما في وقت المغرب، أو في وقت العشاء بأرض عرفات، أو غيرها، أو صلّى كلّ صلاة في وقتها جاز ذلك، وبه قال الأوزاعيّ، وإسحاق بن راهويه، وأبو ثور، وأبو يوسف، وأشهب، وحكاه النوويّ عن أصحاب الحديث، وبه قال عطاء، من التابعين، وعروة، وسالم، والقاسم، وسعيد بن جبير. قاله العينيّ (?).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الأرجح عندي قول من قال: لا يجمع قبل المزدلفة، فإن جع أعاد، ولا بدّ؛ لقوله - صلى اللَّه عليه وسلم - لأسامة بن زيد - رضي اللَّه تعالى عنهما - حين سأله عن الصلاة في الطريق: "الصلاة أمامك"، وفي لفظ: "المصلّى أمامك"، فبيّن أن محلّ الصلاتين، ووقتهما عند الوصول إلى المزدلفة، لا قبل ذلك، وقد تقدّم هذا البحث في "كتاب الصلاة" برقم 49/ 605. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

3028 - (أَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّا, قَالَ: حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ الْمِقْدَامِ, عَنْ دَاوُدَ, عَنِ الأَعْمَشِ, عَنْ عُمَارَةَ, عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ, عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ, أَنَّ النَّبِيَّ - صلى اللَّه عليه وسلم -, جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِجَمْعٍ).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015