عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها -، وعن مجاهد، وابراهيم النخعيّ أنهما قالا: إذا نسي الطواف بين الصفا والمروة، وهو حاج، فعليه الحجّ، فإن كان معتمرًا، فعليه العمرة، ولا يجزيه إلا الطواف بينهما. وحكاه ابن المنذر عن إسحاق بن راهويه، وأبي ثور. وبه قال ابن حزم.
واستدل هؤلاء على الوجوب بأمور:
(أحدها): ما رواه الشافعيّ، وأحمد في "مسنده"، والدارقطنيّ، والبيهقيّ، وغيرهم من رواية صفية بنت شيبة، قالت: أخبرتني ابنة أبي تَجْرَاة (?)، أنها سمعت رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، وقد استقبل الناس في المسعى، وقال: "يا أيها الناس، اسعَوْا، فإن السعي قد كُتب عليكم" (?).
قال الحافظ وليّ الدين: وذكر النوويّ في "شرح المهذب" في أول كلامه الطريقَ الأول، وقال: ليس بقويّ، واسناده ضعيف، قال ابن عبد البرّ في "الاستيعاب": فيه اضطراب. ثم ذكر الطريق الثاني في آخر كلامه، وقال: إسناده حسن. فعدّ ذلك شيخنا جمال الدين عبد الرحيم الإسنويّ في "المهمات" تناقضًا، وقال: اختلف فيه كلام النوويّ. وجوابه أن ذلك باعتبار طريقين، فإن في الأول عبد اللَّه بن المؤمّل، وليس في الثاني، فلذلك ضعّف الأول، وحسّن الثاني. قال ابن المنذر في "الإشراف": إن ثبت حديث بنت أبي تجراة وجب فرض السعي، وإن لم يثبت فلا أعلم دلالة توجبه، والذي رواه عبد اللَّه بن المؤمّل، وقد تكلّموا في حديثه انتهى. وقد أشار الإسنويّ في بقية كلامه لذلك، فقال: وحسّنه أيضًا الشيخ زكيّ الدين في كلامه على أحاديث "المهذّب"، إلا أن الحديث المذكور روي بإسنادين انتهى. ومع ذلك ففي جعلهما طريقين، وتضعيف الأول، وتحسين الثاني نظر، فهو حديث واحد مداره على صفية بنت شيبة