- صلى اللَّه عليه وسلم -، وهو من علامات نبوّته، وليس في الآية ما يدلّ على استمرار الأمر المذكور فيها انتهى كلام الحافظ (?).
وقال العينيّ: ما ملخّصه: لا يلزم من قوله: {حَرَمًا آمِنًا} أن يكون ذلك دائمًا في كلّ الأوقات، بل إذا حصل له حرمة، وأمن في وقت ما صدق عليه هذا اللفظ، وصحّ المعنى، ولا يعارضه ارتفاع ذلك المعنى في وقت آخر. وقال: والحكم بالحرمة، في قوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "وقد عادت حرمتها إلى يوم القيامة" لا يرتفع إلى يوم القيامة، وأما وقوع الخوف فيها، وترك الحرمة، فقد وجد ذلك في أيام يزيد وغيره كثيرًا.
وقال عياض: {حَرَمًا آمِنًا} أي إلى قرب القيامة. وقيل: يختصّ منه قصّة ذي السويقتين.
وقال ابن الجوزيّ: إن قيل: ما السرّ في حراسة الكعبة من الفيل، ولم تحرس في الإسلام مما صنع بها الحجاج، والقرامطة، وذو السويقتين؟.
فالجواب أن حبس الفيل كان من أعلام النبوة لرسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، ودلائل رسالته لتأكيد الحجة عليهم بالأدلة التي شوهدت بالبصر قبل الأدلة التي ترى بالبصائر، وكان حكم الحبس أيضًا دلالة على وجود الناصر. ذكره العينيّ (?).
وقد عقد الإمام البخاريّ -رحمه اللَّه تعالى- في "صحيحه" بابا بقوله: "باب قول اللَّه تعالى: {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ} الآية [المائدة: 97]، ثم أورد فيه حديث أبي هريرة - رضي اللَّه عنه - عنه هذا.
قال الحافظ: كأنه يشير إلى أن المراد بقوله {قِيَامًا} أي قواما، وأنها ما دامت موجودة فالدين قائم، فلهذه النكتة أورد في الباب قصّة هدم الكعبة في آخر الزمان.
وقال العينيّ: أشار به إلى أن قيام أمور الناس، وانتعاش أمر دينهم ودنياهم بالكعبة، يدلّ عليه قوله تعالى: {قِيَامًا لِلنَّاسِ}، فإذا زالت الكعبة على يدي ذي السويقتين تختلّ أمورهم، فلذلك أورد حديث أبي هريرة فيه انتهى.
ثم ترجم البخاريّ "باب هدم الكعبة"، وذكر فيه طرف حديث عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها - المتقدم: قال النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "يغزو جيش الكعبة، فيخسف بهم ... "، وأورد حديث أبي هريرة - رضي اللَّه عنه - المذكور في الباب، وحديث ابن عباس - رضي اللَّه تعالى عنهما -، عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - قال: "كأني به أسود أفحج، يقلعها حجرًا حجرًا"
قال الحافظ: فيه إشارة إلى أن غزو الكعبة سيقع (?)، فمرة يهلكهم اللَّه قبل الوصول