فسخ الحجّ إلى العمرة، فكذلك الحنابلة يخالفون فيه، ثم وراء ذلك أن رواية النسائيّ السابقة مشعرة بأن عثمان رجع عن النهي، فلا يصحّ التمسّك به.
ولفظ البغويّ بعد أن ساق حديث عثمان في "شرح السنّة": هذا خلاف عليّ، وأكثر الصحابة على الجواز، واتفقت عليه الأئمة بعدُ، فحمله على أن عثمان نهى عن التمتّع المعهود، والظاهر أن عثمان ما كان يبطله، وإنما كان يرى أن الإفراد أفضل منه، وإذا كان كذلك، فلم تتفق الأئمة على ذلك، فإن الخلاف في أيّ الأمور الثلاثة أفضل باق. واللَّه أعلم (?).
(ومنها): أن المجتهد لا يُلزِمُ مجتهدًا آخر بتقليده؛ لعدم إنكار عثمان على عليّ ذلك، مع كون عثمان الإمامَ، إذ ذاك. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
2723 - (أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ, قَالَ: أَنْبَأَنَا (?) أَبُو عَامِرٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ,,, عَنِ الْحَكَمِ, قَالَ: سَمِعْتُ عَلِىَّ بْنَ حُسَيْنٍ, يُحَدِّثُ عَنْ مَرْوَانَ, أَنَّ عُثْمَانَ نَهَى عَنِ الْمُتْعَةِ, وَأَنْ يَجْمَعَ الرَّجُلُ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ, فَقَالَ: عَلِيٌّ: لَبَّيْكَ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ مَعًا, فَقَالَ: عُثْمَانُ: أَتَفْعَلُهَا, وَأَنَا أَنْهَى عَنْهَا؟ , فَقَالَ: عَلِيٌّ: لَمْ أَكُنْ لأَدَعَ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, لأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد كلهم رجال الصحيح، و"إسحاق": هو ابن راهويه. و"أبو عامر": هو عبد الملك بن عمرو العقديّ البصريّ الثقة. و"الحكم": هو ابن عُتيبة الكوفيّ الحافظ. والحديث متّفق عليه، وقد سبق تمام البحث فيه في الحديث الماضي. وباللَّه تعالى التوفيق، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
2724 - (أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ, قَالَ: أَنْبَأَنَا النَّضْرُ, عَنْ شُعْبَةَ,, بِهَذَا الإِسْنَادِ مِثْلَهُ).
"النضر": هو شُمَيل المازنيّ النحويّ، أبو الحسن البصريّ، نزيل مرو، الثقة الثبت.
واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
2725 - (أَخْبَرَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ, قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ, قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ, عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ, عَنِ الْبَرَاءِ, قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ, حِينَ أَمَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, عَلَى الْيَمَنِ, فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ - صلى اللَّه عليه وسلم - قَالَ عَلِيٌّ, فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «كَيْفَ صَنَعْتَ؟» , قُلْتُ: أَهْلَلْتُ بِإِهْلاَلِكَ, قَالَ: «فَإِنِّي سُقْتُ الْهَدْيَ, وَقَرَنْتُ» , قَالَ: وَقَالَ - صلى اللَّه عليه وسلم - لأَصْحَابِهِ: «لَوِ اسْتَقْبَلْتُ