الحكم المذكور، وهو إنشاء الإحرام من مكانه أهل مكةَ، فينشؤون منها، وهذا بالنسبة للحجّ، وأما بالنسبة للعمرة، فميقاتهم أدنى الحلّ عند الجمهور، وهو الحقُّ؛ لحديث اعتمار عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها - من التنعيم، وقد تقدّم تمام البحث في ذلك قبل بابين، وباللَّه تعالى التوفيق.
ووقع في "الكبرى": "ما يبلغ ذلك أهل مكة"، والظاهر أنه غلط. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
2658 - (أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ, قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ, عَنْ عَمْرٍو, عَنْ طَاوُسٍ, عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ, أَنَّ النَّبِيَّ - صلى اللَّه عليه وسلم -, وَقَّتَ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ, وَلأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ, وَلأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ, وَلأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا, فَهُنَّ لَهُمْ, وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ, مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ, مِمَّنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ, فَمَنْ كَانَ دُونَهُنَّ, فَمِنْ أَهْلِهِ, حَتَّى أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ يُهِلُّونَ مِنْهَا).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الحديث متَّفق عليه، وقد تقدّم تمام البحث فيه قريبًا. و"حمّاد": هو ابن زيد. و"عمرو": هو ابن دينار. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أُنيب".
...
أي هذا باب ذكر الأحاديث الدّالّة على استحباب التعريس بالموضع المسمّى بـ "ذي الحليفة" اتباعًا لرسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - في ذلك.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: "التعريس": هو نزول المسافر للاستراحة. قال الخطابيّ -رحمه اللَّه تعالى-: التعريس نزول استراحة لغير إقامة، وأكثر ما يكون آخر الليل، وخصّه بذلك الأصمعيّ، وأطلق أبو زيد انتهى (?).
وقال في "النهاية": التعريس نزول المسافر آخر الليل، نَزْلَةً للنوم، والاستراحة، يقال منه: عرّس يُعرّس تعريسًا، ويقال فيه: أعرس، والْمُعَرَّسُ: موضع التعريس، وبه سمي مُعَرَّسُ ذي الحليفة، عرّس به النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، وصلّى فيه الصبح، ثم رحل انتهى (?).