كان دون ذلك الخ" فبعيد, لأنه ليس دون المواقيت المذكورة، فكيف يتناوله الحديث، بل ما دلّ عليه ما نُقل عن عمر - رضي اللَّه عنه -، ووافقه الصحابة عليه هو الصواب؛ لأننا وإن قلنا بصحة توقيت ذات عرق مرفوعًا، إلا أن عمر - رضي اللَّه عنه - لما لم يسمع النصّ قال: "انظروا حذوها من طريقكم"، ووافقه الصحابة الذين لم يسمعوا التوقيت من النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - على ذلك، فهو أولى بالاتباع. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أُنيب".

...

23 - (مَنْ كَانَ أَهْلُهُ دُونَ الْمِيقَاتِ)

2657 - (أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ, عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ, قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَاوُسٍ, عَنْ أَبِيهِ, عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ, قَالَ: وَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, لأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ, وَلأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ, وَلأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا, وَلأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ, قَالَ: «هُنَّ (?) لَهُمْ, وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ, مِمَّنْ سِوَاهُنَّ (?) , لِمَنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ, وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ, مِنْ حَيْثُ بَدَأَ, حَتَّى يَبْلُغَ ذَلِكَ أَهْلَ مَكَّةَ»).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: "محمد بن جعفر": هو غندر. و"معمر": هو ابن راشد. والحديث متّفق عليه، وقد تقدّم البحث فيه مستوفًى قبل بابين.

ودلالته على ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى- واضحةٌ، وهي أن من كان أهله داخل هذه المواقيت فميقاته مكان أهله، إن أراد النسك منه، وإلا فمن حيث أراد.

وقوله: "لمن أراد الحجّ والعمرة" فيه دلالة لمذهب الشافعيّ -رحمه اللَّه تعالى-، أن من أراد دخول مكة لحاجة مّا، لا يلزمه الإحرام من الميقات، وهو الراجح، وسيأتي في محلّه -107/ 2867 - إن شاء اللَّه تعالى.

وقوله: "من حيث بدأ" بالهمز بمعنى أنشأ في الرواية الأخرى، وفي بعض النسخ "بدا" بالألف بدل الهمزة، فيحتمل أن تكون مبدلة من الهمزة تخفيفًا. ويحتمل أن يكون من بدا الشيءُ يبدو، بمعنى ظهر، أي من حيث ظهر له الإنشاء. واللَّه تعالى أعلم.

وقوله: "حتى يبلغ ذلك أهل مكة" الإشارة إلى الحكم المذكور، أي حتى يبلغ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015