عليهنّ، فقد ثبت في حديث أم عطيّة أنهنّ كنّ يخرجن، فيداوين الجرحى.
وفهمت عائشة، ومن وافقها من هذا الترغيب في الحجّ إباحة تكريره كما أبيح للرجال تكرير الجهاد، وخصّ به عموم قوله في حديث أبي واقد عند أحمد، وأبي داود، وغيرهما: "هذه، ثم ظهور الحُصُر"، وقوله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ}، وكان عمر متوقّفًا في ذلك، ثم ظهر له قوّة دليلها، فأذن لهنّ في آخر خلافته، ثم كان عثمان بعدُ يحجّ بهنّ في خلافته أيضًا، وقد وقف بعضهنّ عند ظاهر النهي. (?).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: حديث أبي واقد الليثيّ المشار إليه أخرجه أحمد، وغيره، ونصه عند أحمد:
حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن زيد بن أسلم، عن واقد بن أبي واقد الليثي، عن أبيه، أن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، قال لنسائه، في حجته: "هذه، ثم ظُهُور الْحُصُر" (?).
وأخرجه أيضًا من طريق صالح مولى التوأمة، عن أبي هريرة، أن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، قال لنسائه، عام حجة الوداع: "هذه، ثم ظهور الحصر، قال: فكن كلهن يحججن، إلا زينب بنت جحش، وسودة بنت زمعة، وكانتا تقولان: واللَّه لا تحركنا دابة، بعد أن سمعنا ذلك من النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -. وفي رواية: قالتا: واللَّه لا تحركنا دابة، بعد قول رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "هذه، ثم ظهور الحصر" انتهى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها - هذا أخرجه البخاريّ.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا- 4/ 2628 - وفي "الكبرى" 4/ 3607. وأخرجه (خ) في "الحجّ" 1520 و 1861 (ق) في "المناسك" 2901. واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
(ومنها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو بيان فضل الحجّ (ومنها): أن الحجّ للنساء أفضل من الجهاد في سبيل اللَّه تعالى (ومنها): ما قاله البيهقيّ -رحمه اللَّه تعالى-: هذا دليل على أن المراد بحيث أبي واقد - رضي اللَّه تعالى عنه -يعني قوله: "هذه، ثم ظهور الحصر"- وجوب الحجّ عليهنّ مرّة واحدة كما بيّن وجوبه على الرجال مرّة، لا المنع من