فيستفاد من عبارة "القاموس" أن ماضيه مثلث العين، ومضارعه فيه الضمّ، والفتح فقط,. فقول الحافظ في "الفتح": فاء الرفث مثلّثة في الماضي والمضارع، والأفصح الفتح في الماضي، والضمّ في المستقبل، يحتاج إلى نظر. واللَّه تعالى أعلم.
(وَلَمْ يَقسُقْ) أي لم يأت بسيّئة، ولا معصية. وأغرب ابن الأعرابيّ، فقال: إن لفظ الفسق لم يسمع في الجاهليّة، ولا في أشعارهم، وإنما هو إسلاميّ. وتُعُقّب بأنه كثُر استعماله في القرآن، وحكايته عمن قبل الإسلام. وقال غيره: أصله انفسقت الرُّطَبَة: إذا خرجت، فسمي الخارج عن الطاعة فاسقاً. قاله في "الفتح" (?).
وقال في "القاموس": الفِسْق بالكسر: الترك لأمر اللَّه تعالى، والعصيان، والخروج عن طريق الحقّ، أو الفجور، كالفسوق، فسق، كنصر، وضرب، وكرم، فِسقًا، وفسوقاً، وإنه لفسق: خروج عن الحقّ، وفَسَقَ عن أمر ربّه: جار، والرُّطَبَة عن قشرها: خرجت، كانفسقت. قيل: ومنه الفاسق؛ لانسلاخه عن الخير، والفويسقة: الفأرة؛ لخروجها من جُحْرها على الناس انتهى (?).
وإنما صرّح بنفي الفسق في الحجّ، مع كونه ممنوعًا في كلّ حال، وفي كلّ حين؛ لزيادة التقبيح، والتشنيع، ولزيادة تأكيد النهي عنه في الحجّ، وللتنبيه على أن الحجّ أبعد الأعمال عن الفسق. واللَّه تعالى أعلم.
(رَجَعَ) أي صار، أو رجع من ذنوبه، أو حجته، أو فرغ من أعمال الحجّ، وحَملُهُ على معنى رجع إلى بيته بعيد. قاله السنديّ (كَمَا وَلَدَتْهُ أمُّهُ) "ما" مصدريّة، فيكون المعنى على حذف مضاف، أي كحال ولادة أمه له، يعني أنه لا شيء عليه من الذنوب. وفي نسخة: "كيوم ولدته أمه". وفي رواية أحمد، والدارقطنيّ: "رجع كهيئته يوم ولدته أمه". أي بغير ذنب مشابها لنفسه يوم ولدته أمه، إذ لا معنى لتشبيه الشخص باليوم. أفاده السنديّ.
وظاهر الحديث غفران الصغائر والكبائر، والتَّبِعَات، وهو من أقوى الشواهد لحديث العبّاس بن مِرْداس المصرّح بذلك، وله شاهد من حديث ابن عمر في "تفسير الطبريّ". وإليه ذهب القرطبيّ، وعياضٌ، لكن قال الطبريّ: هو محمول بالنسبة إلى المظالم على من تاب، وعجز عن وفائها.
وقوله: "فلم يرفث"، والواو في قوله: "ولم يفسق" عطف على الشرط في قوله: "من حجّ"، وجوابه "رجع"، والجارّ والمجرور خبر له. ويحتمل أن يكون حالاً، أي