والعمرة، وقد أخرجه الدارقطنيّ من طريق الأعمش، عن أبي حازم، بلفظ: "من حجّ، أو اعتمر"، لكن في الإسناد إلى الأعمش ضعف. قاله في "الفتح" (?). وقال في موضع آخر: ويجوز حمل لفظ "حجّ" على ما هو أعمّ من الحجّ والعمرة، فتساوي رواية "من أتى" من حيث إن الغالب أن إتيانه إنما هو للحجّ، أو العمرة انتهى (?).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الذي يظهر لي أنه لا تساوي بين الحجّ والعمرة في هذا الفضل، فالأولى حمل رواية "من أتى" على رواية "من حجّ"، فيكون المعنى: من أتى هذا البيت للحجّ، والدليل على ذلك التفريق الذي تقدّم في حديث: "العمرةُ إلى العمرة كفّارة لما بينهما، والحجّ المبرور ليس له جزاء إلا الجنّة"، فهذا التفريق يرشد إلى زيادة فضل الحجّ على العمرة. واللَّه تعالى أعلم.
(فَلَمْ يَرْفُثْ) بتثليث الفاء في الماضي، والضمّ، والفتح في المضارع. والرفث: الجماع، وُيطلق على التعريض به، وعلى الفحش من القول. وقال الأزهريّ: الرفث اسم جامع لكلّ ما يريده الرجل من المرأة، وكان ابن عمر (?) يخصّه بما خوطب به النساء. وقال عياض: هذا من قول اللَّه تعالى: {فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ} [البقرة: 197]، والجمهور على أن المراد به في الآية الجماع انتهى.
قال الحافظ: والذي يظهر أن المراد به في الحديث ما هو أعمّ من ذلك، وإليه نحا القرطبيّ، وهو المراد بقوله في "الصيام": "فإذا كان صوم أحدكم، فلا يرفث" انتهى (?).
وفي "المصباح": رَفَث في منطقه رَفْثًا، من باب طلب، وَيَرْفِث بالكسر لغة: أفحش فيه، أو صرّح بما يكنى عنه من ذكر النكاح، وأرفث بالألف لغة، والرفث: النكاح، فقوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ} المراد الجماع، وقوله تعالى: {فَلَا رَفَثَ} قيل: فلا جماع. وقيل: فلا فُحش من القول. وقيل: الرفث يكون في الفرج بالجماع، وفي العين بالغمز للجماع، وفي اللسان للمواعدة به انتهى.
وفي "القاموس": الرفَثُ محرّكةٌ: الجماع، والفحش، كالرُّفُوث، وكلام النساء في الجماع، أو ما وُوجِهنَ به من الفحش. وقد رفث، كنَصَر، وفَرِحَ، وكَرُم، وأرفث انتهى.