و"مَخْرَمة": هو ابن بُكير بن عبد اللَّه بن الأشجّ المدنيّ، صدوق [7] 28/ 438.
و"بُكير بن عبد اللَّه بن الأشجّ" المدنيّ، نزيل مصر، ثقة [5] 135/ 211. واللَّه تعالى
أعلم.
شرح الحديث
عن أبي هريرة - رضي اللَّه تعالى عنه - أنه قال (رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "وَفْدُ اللَّهِ ثَلَاثَةٌ") مبتدأ وخبره، و"الوفد" -بفتح، فسكون- قال ابن الأثير -رحمه اللَّه تعالى-: قد تكرّر ذكر الوفد في الحديث، وهم القوم يجتمعون، وَيرِدون البلاد، واحدهم وافدٌ، وكذلك يقصدون الأمراء لزيارة، واسترفاد، وانتجاع، وغير ذلك، تقول: وَفَدَ يَفِد، فهو وافد، وأوفدته، فَوَفَدَ، وأوفَدَ على الشيء، فهو مُوفِدٌ: إذا أشرف انتهى (?). وفي "الصحاح" وَفَد فلان على الأمير: أي ورد رسولًا، فهو وافد، والجمع وَفْدٌ، مثلُ صاحب وصَحْب. وفي "المصباح": وَفَد على القوم وَفْدًا، من باب وَعَد، ووُفُودًا، فهو وافد، وقد يُجمع على وُفّاد، ووُفّد، وعلى وَفْد، مثلُ صاحب وصَحْب. ومنه الحاجّ وَفد اللَّه، وجمع الوَفْدِ أَوْفاد، ووُفُود انتهى.
قال السنديّ -رحمه اللَّه تعالى-: فالمعنى السائرون إلى اللَّه تعالى القادمون عليه من المسافرين ثلاثة أصناف، فتخصيص هؤلاء من بين العابدين لاختصاص السفر بهم عادةً، والحديث إما بعد انقطاع الهجرة، أو قبلها، لكن ترك ذكرها لعدم دوامها، والسفرُ للعلم لا يطول غالبًا، فلم يُذكَر، والسفر إلى المساجد الثلاثة المذكورة في حديث: "لا تُشدّ الرحال، إلا إلى ثلاثة مساجد" ليس بمثابة السفر إلى الحجّ ونحوه، فتُرك. ويحتمل أن لا يراد بالعدد الحصر. واللَّه تعالى أعلم انتهى (?).
(الْغَازِي) بدل من "ثلاثة"، ويجوز قطعه بتقدير مبتدإ، أو فعلٍ، وكذا قوله (وَالْحَاجُّ، وَالْمُعْتَمِرُ) وفيه فضل هؤلاء الثلاثة، وتشبيههم بالوفد الذين يَقدَمون على الملوك والأمراء، فيُتحفونهم بالجوائز العظيمة، والعطيّات الجسيمة، فاللَّه سبحانه، وتعالى أولى وأكرم، فيكرم هؤلاء الثلاثة بكرامة ليس بعدها كرامة، بجنّات عدن، فيها ما تشتهيه الأنفس، وتلذّ الأعين، وفيها ما لا عينٌ رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، فهم الفائزن الفوز الأبديّ، كما قال تعالى: {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} الآية [آل عمران: 185]، وقال: