الموحّدة: العمامة. والزِّبْرِقَان -بكسر الزاي، وسكون الباء الموحّدة، وكسر الراء، وبالقاف المخفّفة، وفي آخره نون- وهو في الأصل اسم القمر، وهو لقبُ، واسمه الحصين. قال ابن السّكّيت: لُقّب الزبرقان؛ لصفرة عمامته (?).
وأما معناه شرعًا: فالحجّ قصدٌ إلى زيارة البيت الحرام على وجه التعظيم بأفعال مخصوصة.
وسببه البيت؛ لأنه يضاف إليه، ولهذا لا يجب في العُمْرِ إلا مرّة واحدة؛ لعدم تكرار السبب. انتهى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الخامسة): في اختلاف أهل العلم في وقت ابتداء فرض الحجّ:
قال العلاّمة القرطبيّ -رحمه اللَّه تعالى- في "المفهم": واختُلف في زمان فرض الحجّ، فقيل: سنة خمس من الهجرة. وقيل: سنة تسع، وهو الصحيح؛ لأن فتح مكّة كان في التاسع عشر من رمضان سنة ثمان من الهجرة، وحجّ بالناس في تلك السنة عَتّاب بن أَسيد - رضي اللَّه تعالى عنه -، ووقف بالمسلمين، ووقف المشركون على ما كانوا عليه في الجاهليّة، فلما كانت سنة تسع فُرض الحجّ، ثم إن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - أَمَرَ أبا بكر، فحجّ بالناس تلك السنة، ثم أتبعه عليّ بن أبي طالب - رضي اللَّه تعالى عنه - بسورة براءة، فقرأها على الناس في الموسم، ونبذ للناس عهدهم، ونادى في الناس أن لا يحجّ بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عُريان. ووافقت حجة أبي بكر في تلك السنة أن كانت في شهر ذي القعدة، على ما كانوا يديرون الحجّ في كلّ شهر من شهور السنة، فلما كانت سنة عشر حج رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - حجته المسمّاة بحجة الوداع، على ما يأتي بيانها في حديث جابر وغيره، ووافق النبيّ تلك السنة أن وقع الحجّ في ذي الحجة في زمانه، ووقته الأصليّ، الذي فرضه اللَّه فيه، ولذلك قال - صلى اللَّه عليه وسلم -: "إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق اللَّه السموات والأرض ... " الحديث (?). انتهى كلام القرطبيّ (?).
وقال في "الفتح": واختُلف في وقت ابتداء فرضه، فقيل: قبل الهجرة، وهو شاذّ. وقيل: بعدها، ثم اختلف في سَنَته، فالجمهور على أنها سنة ستّ؛ لأنها نزل فيها قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}، وهذا ينبني على أن المراد بالإتمام ابتداء الفرض، ويؤيّده قراءة علقمة، ومسروق، وإبراهيم النخعيّ بلفظ: "وأقيموا". أخرجه الطبريّ بأسانيد صحيحة عنهم. وقيل: المراد بالإتمام الإكمال بعد الشروع، وهذا يقتضي تقدّم