إضافة الأعم إلى الأخصّ؛ لأن المناسك هي العبادات، والطاعات، فتكون الإضافة كشجر أراك، وعلم الحديث، وعلم الفقه. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الثالثة): "المناسك" جمع مَنسك -بفتح السين، وكسرها-: وهي العبادة، أو مكانها، أو زمانها، فهو صالح للزمان، والمكان، والحدث، وجميعها مراد هنا، إذ الكتاب مسوق لبيان أعمال الحجّ، وأزمنته، وأمكنته، ثمّ سميّت أمور الحجّ كلّها مناسك.
قال الفيّوميّ: نَسَكَ للَّه يَنسُك نَسْكًا، من باب قتل: تطوّع بقربة، والنسك -بضمّتين-: اسم منه، وفي التنزيل: {إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي}، والمنسك -بفتح السين، وكسرها: يكون زمانًا، ومصدرًا، ويكون اسم المكان الذي تُذبح فيه النَسِيكة، وهي الذبيحة، وزنًا ومعنًى،
وفي التنزل: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا} -بالفتح، والكسر في السبعة. ومناسك الحجّ: عباداته. وقيل: مواضع العبادات، ومن فَعَل كذا عليه نُسُكٌ: أي دمٌ يُريقه، ونَسَكَ: تزهّد، وتعبّد، فهو ناسك، والجمع نُسّاك، مثلُ عابد وعُبّاد انتهى (?).
وقال العينيّ: والمنسك المذبح، وقد نَسَك ينسُك نسكًا: إذا ذبح، والنسيكة: الذبيحة، وجمعها نُسُك، والنُّسُكُ أيضًا: الطاعة، والعبادة، وكلّ ما يُتقرّب به إلى اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-. والنسك: ما أَمَرت به الشريعة، والورع، وما نهت عنه. والناسك: العابد، وسئل ثعلبٌ عن الناسك ما هو؟، فقال: هو مأخوذ من النَّسِيكة، وهي سبيكة الفضّة، المصفاة، كأنّ الناسك صفّى نفسه للَّه تعالى. انتهى (?). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): في ضبط "الحجّ"، ومعناه لغةً، وشرعًا:
أما ضبطه، فإنه يقال: بفتح الحاء، وكسرها، لغتان، قُرىء بهما في السبع، وأكثر السبعة على الفتح، وكذا الحجّة فيها لغتان، وأكثر المسموع الكسر، وهو القياس قاله النوويّ -رحمه اللَّه تعالى- انتهى (?).
وقال الحافظ -رحمه اللَّه تعالى-: "الحجّ" -بفتح الحاء المهملة، وكسرها- لغتان، نقل الطبريّ أن الكسر لغة أهل نجد، والفتح لغيرهم. ونقل عن حسين الْجُعْفيّ أن الفتح الاسمُ، والكسر المصدر، وعن غيره عكسه. قاله في "الفتح" (?).