فخَرَصَها، فلما فتح الطائف، وبها عنب كثير، أمر بخرصه، كخرص النخل المعروف عندهم.

وحكمة الخرص أن الفقراء شركاء أرباب الأموال في الثمر، فلو مُنع أرباب الأموال من الانتفاع بثمارهم إلى أن تبلغ غايتها في الصلاح، لأضرّ ذلك بهم، ولو انبسطت أيديهم فيها لأخلّ ذلك بحقّ الفقراء منها، ولَمّا كانت الأمانة غير متحقّقة عند كلّ واحد من أرباب الأموال، وعُمّالهم، وَضَعَت الشريعة هذا الضابط؛ ليَتَوصّل به أرباب الأموال إلى الانتفاع بها، ويُحفَظ للمساكين حقوقهم (?). واللَّه تعالى أعلم.

وقد تقدّم تمام البحث في مسألة الخرص، واختلاف العلماء فيه، وأن الحقّ مشروعيته في -26/ 2491 فراجعه تستفد. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث سعيد بن المسيّب أن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - أمر عَتّاب بن أسيد الخ صحيح؛ لأن الظاهر -كما أسلفته قريبًا- سماع سعيد من عتّاب - رضي اللَّه تعالى عنه -، فهو متّصلٌ، ولو قلنا بعدم سماعه منه، فإنه صحيح أيضًا, لأن جلّ الأئمّة على تصحيح مراسيل سعيد -رحمه اللَّه تعالى-، قال النوويّ: هذا الحديث، وإن كان مرسلًا لكن اعتضد بقول الأئمة انتهى.

وأيضًا، فله شواهد، قد تقدّم بيانها في -26/ 2491 مستوفًى.

والحاصل أن حديث عتاب هذا صحيح. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

[تنبيه]: روى الدارقطنيّ هذا الحديث من طريق الواقديّ، عن عبد الرحمن بن عبد العزيز الأُماميّ، عن الزهريّ، عن سعيد بن المسيّب، عن المسور بن مخرمة، عن عتّاب بن أَسِيد، قال أمر رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - أن نخرُص أعناب ثقيف، كخرص النخل، ثم تؤدّى زبيبًا كما تؤدّى زكاة النخل تمرًا".

قال أبو حاتم: الصحيح: عن سعيد بن المسيّب أن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - أمر عتّابًا، مرسل انتهى. على أن الواقديّ ضعيف جدًّا (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015