الدنيا والآخرة. و"الحمر" بضم الحاء المهملة، وسكون الميم، جمع "أحمر"، و"حُمْرُ النعم" هي الإبل الحُمْر، وهي أنفس أموال العرب، وكانوا يشبهون بها أشرف الأشياء عندهم (ثُمَّ قَالَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - ("مَا مِنْ عَبْدٍ، يُصَلِّي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ، وَيَصُومُ رَمَضَانَ، وَيُخْرِجُ الزَّكَاةَ) هذا محلّ الترجمة، ووجه الاستدلال به على وجوب الزكاة، أن من أخلّ بشيء من هذه الأمور ليس له هذه البشرى، ولا يدخل الجنّة بسلام، بل يعذّب، وإن دخل الجنّة بعد ذلك لإيمانه، وهذا التعذيب لا يكون إلا بترك واجب، فدلّ على أن هذه الأشياء كلها من الواجبات، والزكاةُ فرد من أفرادها. واللَّه تعالى أعلم.
(وَيَجْتَنِبُ الْكَبَائِرَ السَّبْعَ" ولفظ "الكبرى" "الموبقات السبع": أي المهلكات السبع، وهي التي ورد تفسيرها في حديث أبي هريرة - رضي اللَّه عنه -، عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، قال: "اجتنبوا السبع الموبقات"، قالوا: يا رسول اللَّه، وما هُنَّ؟، قال: "الشرك باللَّه، والسحر، وقتل النفس التي حرم اللَّه، إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات، المؤمنات، الغافلات". متفق عليه (إِلاَّ فُتِّحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، فَقِيلَ لَهُ: ادْخُلْ بِسَلَامٍ") وفيه أن مرتكب الصغائر إذا أتى بالفرائض لا يُعذّب، إذ لا يُناسب أن يقال: يمكن أن يكون هذا بعد خروجه من العذاب، إذ يأبى عنه قوله: "ادخل بسلام"، وهذا هو الذي دلّ عليه قوله تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا} [النساء: 31]. واللَّه تعالى أعلم بالصواب.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الحديث ضعيف؛ لأن في سنده صهيبًا مولى العُتْواريين، وهو مجهول الحال، وهو من أفراد المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، أخرجه هنا- 1/ 2438 - وفي "الكبرى" 1/ 2218. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
2439 - (أَخْبَرَنِي (?) عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي, عَنْ شُعَيْبٍ, عَنِ الزُّهْرِيِّ, قَالَ: أَخْبَرَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ, قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, يَقُولُ: «مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ, مِنْ شَيْءٍ مِنَ الأَشْيَاءِ, فِي سَبِيلِ اللَّهِ, دُعِيَ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ, يَا عَبْدَ اللَّهِ, هَذَا خَيْرٌ لَكَ, وَلِلْجَنَّةِ أَبْوَابٌ, فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلاَةِ, دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلاَةِ, وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ, دُعِيَ مِنْ بَابِ الْجِهَادِ, وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ, دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ, وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ, دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ» , قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَلْ عَلَى مَنْ (?) يُدْعَى مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ؟ , فَهَلْ يُدْعَى مِنْهَا كُلِّهَا أَحَدٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ , قَالَ: «نَعَمْ, وَإِنِّي أَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ» -يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ-).