شرط الشيء شطره، لا لغة، ولا معنى، فالأولى التأويل الأول. واللَّه أعلم. انتهى كلام القرطبيّ.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: عندي أن ما تقدّم ترجيح السنديّ -رحمه اللَّه تعالى- له هو الأقرب، وهو الذي رجحه النوويّ -رحمه اللَّه تعالى-، وما ردّ به القرطبيّ فيه نظر، لأنه لا مانع من كونه من باب التشبيه، وذلك أنه لما كانت الطهارة من أعظم شروط الصلاة، جُعلت كأنها شطرها، فما المانع من هذا التشبيه لأجل المبالغة؟. واللَّه تعالى أعلم بالصواب.

(وَالْحَمْدُ لِلَهِ تَمْلَاُ الْمِيزَانَ) بالتاء الفوقانية، وإنما أنثها باعتبار الكلمة، ومعناه أن نفس هذا الذكر يوزن، فيملأ الميزان" وفيه أن الأعمال تتجسّد، فتوزن.

قال النووي -رحمه اللَّه تعالى-: معناه عظم أجرها، وأنه يملأ الميزان، وقد تظاهرت نصوص الكتاب والسنّة على وزن الأعمال، وثقل الميزان، وخفتها انتهى (?).

(وَالتَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ يَمْلَاُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ) بالإفراد، أي كلّ واحد منهما، أو مجموعهما، وفي بعض النسخ: "يملآن" بالتثنية، وهو واضحٌ.

والظاهر أن هذا يكون عند الوزن، وأن الأعمال تصير أجسامًا لطيفة نورانيّة لا تتزاحم فيما بينها، ولا تُزاحم غيرها، كما هو المشاهد في الأنوار، إذ يمكن أن يُسرج ألف سراج في بيت واحد، مع أنه يمتلئ نورًا من واحد من تلك السرج، لكن كونه لا يزاحم يجتمع معه نور الثاني والثالث، ثم لا يمتنع امتلاء البيت من النور جلوسَ القاعدين فيه لعدم المزاحمة، فلا يرد أنه كيف يتصوّر ذلك مع كثرة التسبيحات والتقديسات، مع أنه يلزم من وجود واحد أن لا يبقى مكان لشخص من أهل المحشر، ولا لعمل آخر متجسّد مثل تجسّد التسبيح وغيره. واللَّه تعالى أعلم. أفاده السنديّ (?).

وأما ما ذكره النوويّ من أنه يحتمل أن يقال: لو قُدّر ثوابهما جسمًا الخ (?) فمما لا حاجة إليه؛ لأنه لا مانع من ذلك، لا شرعًا، ولا عقلاً، فإن ظواهر النصوص تدلّ على أن نفس الأعمال توزن، فتنبّه. واللَّه تعالى أعلم.

وقال القرطبيّ: ما حاصله: أن الحمد راجع إلى الثناء على اللَّه تعالى بأوصاف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015