وقد وقع لي خبر صرّح فيه النسائي بالرواية عن البخاريّ، فقال أبو عبد اللَّه محمد بن إسحاق ابن منده في كتاب "الإيمان" له: حدثنا حمزة بن محمد الكنانيّ، ومحمد بن سعد الباروديّ، قالا: أخبرنا أحمد بن شعيب، أبو عبد الرحمن النسائيّ، حدثنا محمد ابن إسماعيل البخاريّ، فذكر خبرًا، فهذا يدلّ على أن ابن السنّيّ قد حفظ نسب محمد ابن إسماعيل في الحديث الذي تقدّم، وأنه لم ينسبه من عند نفسه.
قال: ثم وجدت في رواية ابن الأحمر في "السنن الكبرى" عن النسائيّ، عن البخاريّ عدّة أحاديث، واللَّه أعلم.
قال السخاوي: واستظهار المزّيّ بروايته له بواسطة بينهما لا ينهض، فكم من حديث رواه هو، وكذا غيره من الأئمة عن بعض شيوخهم بالواسطة، وطالما ينبّه المزّيّ نفسه في تراجم تهذيبه على ذلك، ومنه:
رواية النسائيّ عن إسماعيل بن عُبيد بن أبي كريمة في "اليوم والليلة"، وعن زكريا السِّجْزيّ، عنه في "السنن". وكذا روايته في غير "سننه"، عن سعيد بن ذؤيب أبي الحسن المروزيّ النسائيّ الأصل، وفي "السنن" عن رجل عنه. وروى أيضًا عن الحافظ أبي جعفر محمد بن عبد اللَّه بن المبارك، قاضي حُلْوان، وعن أحمد بن عليّ المروزيّ، عنه. وروى عن الحافظ أبي موسى محمد بن المثنّى الزّمِنِ، وعن رجل، عنه، في أمثلة كثيرة.
ثم إنه ممن يُسمّى من شيوخ النسائيّ محمد بن إسماعيل: الأحمسيّ، لكن اسم جدّه سَمُرة، والترمذيّ الحافظ، واسم جدّه يوسف، والطبرانيّ، ويكنى أبا بكر انتهى كلام الحافظ السخاويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- بتصرّف يسير (?).
وعبارة الحافظ في "تهذيب التهذيب": وأما ما رجّحه المصنّف -يعني الحافظ المزيّ صاحب "تهذيب الكمال" من أن النسائيّ لم يلق البخاريّ، فهو مردود، فقد ذكره في أسماء شيوخه الذين لقيهم، وقال فيه: ثقة مأمون، صاحب حديث كيّسٌ. وروينا في كتاب "الإيمان" لأبي عبد اللَّه ابن منده حديثًا، رواه عن حمزة، عن النسائيّ، حدثني محمد بن إسماعيل البخاريّ، وكونه روى عن الخفّاف عنه، لا يمنع أن يكون لقيه، بل الظاهر أنه لم يُكثر عنه، فاحتاج أن ياخذ عن بعض أصحابه. واللَّه أعلم انتهت عبارة الحافظ (?).