سبب مفارقة أبي عبد اللَّه محمد بن إسماعيل البلد -يعني بُخارى- أن خالد بن أحمد الأمير سأله أن يحضر منزله، فيقرأ "الجامع"، و"التاريخ" على أولاده، فامتنع، فراسله أن يعقد لأولاده مجلسًا لا يحضره غيرهم، فامتنع أيضًا، فاستعان عليه بحريث بن أبي الورقاء وغيره، حتى تكلّموا في مذهبه، ونفاه عن البلد، فدعا عليهم، فاستجيب له.

وقال ابن عديّ: سمعت عبد القدّوس بن عبد الجبّار السمرقنديّ يقول: جاء محمد بن إسماعيل إلى خَرْتَنْكَ، قرية من قرى سمرقند على فرسخين منها، وكان له بها أقرباء، فنزل عندهم، قال: فسمعته ليلة من الليالي يدعو، اللَّهمّ إنه قد ضاقت عليّ الأرض بما رحبت، فاقبضني إليك، فما تمّ له الشهر حتى قبضه اللَّه في سنة (256) في شوّال.

ومناقب هذا الإمام كثيرة جدا، قال الحافظ: قد جمعتها في كتاب مفرد. روى عنه الترمذيّ، والمصنّف، وله في هذا الكتاب هذا الحديث فقط.

[تنبيه]: قوله: "البخاريّ" هكذا وقع في "المجتبى" بزيادة لفظة "البخاريّ"، والذي في "الكبرى": "محمد بن إسماعيل"، فقط، وليس فيه ذكر "البخاريّ".

قال الحافظ السخاويّ -رحمه اللَّه تعالى- في رسالته "بُغية الراغب المتمنّي": ما نصّه: هكذا وقع منسوبًا عند ابن السنّي، دون حمزة الكناني، وأبي عليّ الأسيوطيّ، وابن حيّويه، فدم يُزَد فيها على "محمد بن إسماعيل". نعم هو في أصل الحافظ أبي عبد اللَّه الصّوريّ الذي كتبه بخطه، عن أبي محمد بن النّحّاس، عن حمزة، منسوب (?). قال الحافظ أبو الحجّاج المزّيّ: ولم نجد للنسائيّ عن البخاريّ رواية سواه، إن كان ابن السّنّيّ حفظه عن النسائيّ، ولم تكن نسبته له من تلقاء نفسه، معتقدًا أنه البخاريّ، وإلا فقد روى النسائيّ الكثير عن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم -وهو ابن عليّة- وهو مشارك للبخاريّ في بعض شيوخه، بل روى في كتاب الكنى عن عبد اللَّه بن أحمد بن عبد السلام الخفّاف، عن البخاريّ عدّة أحاديث، وهي قرينة ظاهرة في أنه لم يلق البخاريّ، ولم يسمع منه انتهى.

قال السخاويّ: وكأنه -مع أنه لم يجزم- سلفُ الحافظ أبي عبد اللَّه الذهبيّ في قوله في ترجمة البخاريّ من "الكاشف" له: والصحيح أنه ما سمع منه. وقال في "تاريخه": إنه روى عنه، على نزاع فيه، والأصحّ لم يرو عنه شيئًا.

ونحوه قول شيخنا -يعني الحافظ ابن حجر-: أنكر المزيّ أن يكون النسائيّ روى عن البخاريّ، ثم قال:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015