(ت) 1048 و 3009 (أحمد) 2022 و 3331 و 1682. واللَّه تعالى أعلم.
المسألة الثالثة: في اختلاف أهل العلم في حكم وضع الثوب في اللحد:
قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: وقد نصّ الشافعيّ، وجميع أصحابنا، وغيرهم، من العلماء على كراهة وضع قَطِيفة، أو مُضَرَّبَة، أو مِخَدّة، ونحو ذلك تحت الميت في القبر، وشذّ عنهم البغويّ من أصحابنا، فقال: في كتابه "التهذيب": لا بأس بذلك؛ لهذا الحديث، والصواب كراهته، كما قال الجمهور.
وأجابوا عن هذا الحديث بأن شُقران انفرد بفعل ذلك، لم يوافقه غيره من الصحابة، ولا علموا ذلك، وإنما فعله شقران لما ذكرناه من كراهته أن يلبسها أحد بعد النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -؛ لأن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - كان يلبسها، ويفترشها، فلم تطب نفس شقران أن يبتذلها أحد بعد النبي لمجر، وخالفه غيره، فروى البيهقيّ عن ابن عباس - رضي اللَّه عنهما - أنه كره أن يُجعل تحت الميت ثوب في قبره. واللَّه أعلم. انتهى كلام النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- (?).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: كلام النووي هذا فيه نظر من وجوه:
الأول: أن قوله: لم يوافقه غيره من الصحابة، ولا علموا ذلك، غير صحيح، فمَن الذي خالفه من الصحابة؟، وهذا ابن عباس - رضي اللَّه عنهما - علم بذلك، وحدّث به، ولم يثبت عنه الإنكار، وأما ما رُوي عنه من الكراهة، فسيأتي الجواب عنه قريبًا.
الثاني: قوله: وإنما فعله شُقران كراهة أن يلبسها أحد بعده - صلى اللَّه عليه وسلم - الخ، غير صحيح أيضًا، فقد أخرجه البيهقي ج 3 ص 408 بسنده عن حسين بن عبد اللَّه، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: "وقد كان شقران حين وضع رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - في حفرته، أخذ قطيفة قد كان رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - يلبسها، ويفرشها، فدفنها معه في القبر، وقال: واللَّه لا يلبسها أحد بعدك، فدفنت مع رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - ".
فهذا سند غير صحيح، لأن حسين بن عبد اللَّه بن عبيد اللَّه بن عباس بن عبد المطدب الهاشميّ الراوي عن عكرمة اتفقوا على ضعفه. ولذا قال البيهقيّ: ففي هذه الرواية إن كانت ثابتة الخ.
والصحيح عن شقران ما أخرجه الترمذيّ بسند صحيح، عن عبيد اللَّه بن أبي رافع، قال: سمعت شُقران، مولى رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - يقول: أنا واللَّه طرحت القطيفة تحت رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - في القبر".
فلم يذكر ما ذكره النوويّ، بل أثبت وضعه لها تحته - صلى اللَّه عليه وسلم -.