فَقَالَ عُمَرُ: يَا صُهَيْبُ, لاَ تَبْكِ, فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, يَقُولُ: «إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ, بِبَعْضِ بُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ» , قَالَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ, فَقَالَتْ: أَمَا وَاللَّهِ مَا تُحَدِّثُونَ هَذَا الْحَدِيثَ, عَنْ كَاذِبَيْنِ, مُكَذَّبَيْنِ, وَلَكِنَّ السَّمْعَ يُخْطِئُ, وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْقُرْآنِ, لَمَا يَشْفِيكُمْ, {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [النجم: 38] , وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ لَيَزِيدُ الْكَافِرَ عَذَابًا, بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ».
رجال هذا الإسناد: خمسة:
1 - (هو سليمان بن منصور البَلْخيّ) البزّاز الدُّهْنيّ، لقبه زَرْغَنْده (?) لا بأس به [10] تقدم في 60/ 75 - من أفراد المصنف.
2 - (عبد الجبار بن الوَرْد) بن أبي الورد، المخزومي مولاهم، أبو هشام المكيّ، صدوق يهم [7].
قال أحمد: ثقة لا بأس به. ووثقه ابن معين، وأبو حاتم، وأبو داود، ويعقوب بن سفيان، والعجليّ. وقال ابن المديني: لم يكن به بأس. وقال البخاريّ: يُخالف في بعض حديثه. وذكره ابن حبّان في "الثقات"، وقال: يخطىء ويَهِم. وقال ابن عديّ: هو عندي لا بأس به، يكتب حديثه. وعن الدارقطنيّ: ليّن. أخرج له أبو داود، والمصنف، وله عنده في هذا الكتاب هذا الحديث فقط. واللَّه تعالى أعلم.
والباقون تقدموا قريبًا، واللَّه تعالى أعلم.
لطائف هذا الإسناد:
(منها): أنه من رباعيات المصنف، وهو (110) من رباعيات الكتاب، وهو أعلى ما عنده من الأسانيد، كما سبق غير مرّة، وفيه ابن عمر، وابن عباس - رضي اللَّه عنهما -، من العبادلة الأربعة، والمكثرين السبعة، ومن المشهورين بالفتوى. واللَّه تعالى أعلم.
شرح الحديث
عن عبد الجبار بن الورد أنه قال: (سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ) عبد اللَّه بن عبيد اللَّه المذكور في السند الماضي (يَقُولُ: لَمَّا هَلَكَتْ أُمُّ أَبَانَ) هي بنت عثمان ين عفان - رضي اللَّه عنه -، ماتت بمكة (حَضَرْتُ مَعَ النَّاسِ) أي للصلاة عليها، ودفنها (فَجَلَسْتُ بَيْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسِ) ولفظ البخاريّ من طريق ابن جريج، عن ابن أبي مليكة: "قال: توفيت ابنة لعثمان - رضي اللَّه عنه - بمكة، وجئنا لنشهدها، وحَضَرَها ابنُ عمر وابن عباس - رضي اللَّه عنهما -، وإني لجالس بينهما، أو قال: جلست إلى أحدهما، ثم جاء الآخر، فجلس إلى