من ضرّ أصابه في نفسه، أو ماله، لأنه في معنى التبرّم عن قضاء اللَّه في أمر يضرّه في دنياه، وينفعه في آخرته، ولا يكره للخوف في دينه من فساد (إِمَّا مُحْسِنًا) بكسر الهمزة، ونصب "محسنًا"، و "مسيئًا" على تقدير عامل، نحو "يكون"، ووقع في رواية أحمد عن عبد الرزاق بالرفع فيهما، وهي واضحة. أفاده في "الفتح".
وقال ابن مالك -رَحِمَهُ اللَّهُ-: أصله إما يكون محسنًا، وإما يكون مسيئًا، فحذف "يكون" مع اسمها مرتين، وأُبقي الخبر، وأكثر ما يكون ذلك بعد "إِنْ" و"لو"، وإلى هذه القاعدة أشار في "الخلاصة" بقوله:
وَيحْذِفُونَها وُيبقُونَ الْخَبَرْ ... وَبعد "إِنْ" و"لَوْ" كَثِيرًا ذَا اشْتَهَرْ
قال ابن مالك: وفي قوله: "فلعله يزداد" وفي "فلعله يستعتب" شاهدان على مجيء "لعل" للرجاء المجرّد من التعليل، وأكثر مجيئها في الرجاء إذا كان معه تعليل، نحو {وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} انتهى (?).
وقيل: أصله: "إن ما" فأدغمت النون بعد قلبها في الميم، و"ما" زائدة عوضا عن الفعل المحذوف، أي إن كان محسنا الخ.
وقال السنديّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: "إما" بكسر الهمزة، بتقدير "يكون"، أي لا يخلو المتمنّي إما أن يكون محسنًا، فليس له أن يتمنى، فلعله يزداد خيرًا بالحياة، وإما مسيئًا، فكذلك ليس له أن يتمنى، فإنه لعله أن يستعتب، أي يرجع عن الإساءة، ويطلب رضا اللَّه تعالى بالتوبة.
وجملة "إما محسنًا الخ" بمنزلة التعليل للنهي، ويمكن أن يكون "أما" بفتح الهمزة، والتقدير أَمّا إن كان محسنًا، فليس له التمنّي، لأنه لعله يزداد بالحياة خيرًا، فهو مثل قوله تعالى: {فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ} الآية [الواقعة: 88] انتهى.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: فتح الهمزة يحتاج إلى ثبوته روايةً. واللَّه تعالى أعلم.
(فلعله أن يزداد خيرًا) أي من فعل الخير (وإما مسيئًا، فلعله يستعتب) أي يرجع عن موجب العَتْب عليه، وقيل: أي يطلب العُتْبى، وهو الرضا، أي يطلب رضا اللَّه تعالى بالتوبة، وردّ المظالم، وتدارك الفائت.
وقال في "الفتح": قوله: "يستعتب" أي يسترضي اللَّه بالإقلاع، والاستغفار، والاستعتابُ طلب الإعتاب، والهمزة للإزالة، أي يطلب إزالة العِتَاب، عاتبه: لامه، وأعتبه: أزال عتابه، قال الكرماني: وهو مما جاء على غير القياس، إذ الاستفعال إنما يُبنى من الثلاثيّ، لا من المزيد فيه انتهى.